تصريح مشترك صادر عن ال-LRP وال- ISL
8.10.2009
على مدار أكثر من ثمانية عشر شهراً قامت الرابطة من اجل الحزب الثوري والرابطة الاشتراكية الاممية بإجراء مناقشات حول النظرية السياسية والبرنامج السياسي. خلال هذه المناقشات أحرزت كلا المنظمتين درجة بالغة الأهمية من الاتفاق حول مسائل جوهرية.
المشاركة الفعلية في نزاعات عظيمة للطبقة العاملة تختبر بسرعة وبشكل حاسم مصداقية الثورية للأحزاب السياسية. كلا المنظمتين ال-LRP وال-ISL مع ذلك تشكلان مجموعتين صغيرتين: وبينما نحن نبذل كل مجهود للانضمام إلى نضال زملائنا العمال والمضطهدين، فإن حجمنا وانعزالنا الجغرافي يحد لا محالة من قدرتنا على المشاركة واختبار برنامجنا الثوري على المستوى العملي. في ظل هذه الظروف، مطالبات كل من مجموعتينا لتمثيل العلم الأصلي للماركسية الثورية يحكم عليها في الغالب على مستوى النظرية والبرنامج وعلى ضوء الأحداث العظيمة في نضال الطبقة الدولي. لذلك، ال- LRP وال- ISL استغرقت فترة مطوّلة من الزمن لتناقش نطاق واسع من الأسئلة التي تخص النظرية والبرنامج. مع التفكير ومراعاة الاندماجات المتسرعة وعن غير مبدأ والانقسامات التي تعدّ نمط للعلاقات بين المجموعات في اقصى اليسار، نحن نهدف إلى تقديم بديل جدي نظرياً وقائم على مبدأ، الأفضل لنيل ثقة العمال ذوي الفكر الثوري.
نقاشاتنا حتى الآن تناولت الأسئلة التي تدور حول الاستراتيجية من أجل التحرير الفلسطيني، لطبيعة طبقة الدولة الستالينية وما قبل الستالينية وعوامل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية. خلال هذا الوقت ناقشنا أيضاً أحداث جديدة – مثل حرب روسيا – جورجيا 2008، حرب إسرائيل على غزة في شتاء 09 – 2008، والأحداث الأخيرة في إيران – والموقف الذي يجب أن يتخذه الاشتراكيون الثوريون تجاه هذه الأحداث.
رِفَاق من ال- LRP وال- ISL تبادلوا زيارات دولية لمناقشات وجهاً لوجه. هذه الزيارات زوّدت كلا المجموعتين بفرصة لخوض تجربة الجدل السياسي وجهاً لوجه والذي منه تتطور مواقف كل من المجموعتين، وكذلك مجهودهما العملي لإحراز تقدم في قضية بناء الحزب الثوري من خلال المشاركة في نضالات قائمة للطبقة العاملة، حركات احتجاج والبيئة الاجتماعية اليسارية.
الثوريون الأصيلون يبحثون عن شركاء في الفكر– رِفَاق الذين يفكرون بأنفسهم وقادرون على العمل الجماعي من أجل حل المشاكل الحالية والمستقبلية – الخاصة بالنظرية والبرنامج المتمثلة في الصراع الطبقي – والذين يستطيعون معاً أن يقوموا بنضال مقرر حاسم لبناء القيادة الثورية الدولية التي تحتاجها طبقتنا. تجربة ال- LRP وال- ISL في المناقشات والتعاون حتى هذه المرحلة لا تترك لنا مجالاً للشك بأن منظمتينا قد وجدتا مثل هؤلاء الرِفَاق. بإعلان مناقشاتنا، كلا مجموعتينا تودّان أن تقدّما للعمال وأبناء وبنات الشبيبة المعنيين من ذوي الفكر الثوري فرصة إتّباع نقاشنا وتعاوننا السياسي النامي والحكم على طابعه الجدي والمبدئي. في هذه الفترة، بما أن ال-ISL هي منظمة جديدة نسبيا، سوف نصف بعضاً من تاريخها ثم نلخص مناقشات مجموعتينا حتى الآن.
جذور ال- ISL
الرِفَاق الذين أسسوا ال- ISL قد قطعوا شوطاً كبيراً في المسار السياسي في السنوات الأخيرة: من “التيار الماركسي الدولي” (ال-IMT)، الذي يعدّ من أكثر المجموعات الاشتراكية التي تتعاون مع اعداء الطبقة العاملة (class collaborationism) تحت علم التروتسكية، وحتى مناقشاتهم الحالية مع ال- LRP. بالفعل، العضو الاكثر خبرة، يوسي شوارتز، بدأ بحثه عن سياسة ثورية أصيلة للطبقة العاملة كعضو في الحزب الشيوعي الإسرائيلي. بعد الانفصال عن الستالينية، مع ذلك، الرفيق شوارتز، مثل آخرين كثيرين ممن قدّر لهم أن يكونوا ثوريين، أصبح عالقاً لمدة سنوات داخل متاهة “أرثوذكسية التروتسكية،” كعضو بارز ولفترة طويلة في تيار ال- Spartacist League، وكذلك بترابط قصير في وقت لاحق مع اللجنة المنسّقة لإعادة تأسيس الاممية الرابعة (بقيادة المنظمة الأرجنتينية Partido Obrero).
بمروره في تجربة الطائفيّة الخانقة للاسبارتاكوسيّة وفي حياتها الداخليّة البيروقراطيّة الاعتسافيّة فانّ الرفيق شوارتز تطلّع بشكل خاطئ للانضمام الى جماعة “تروتسكيّة ” بدت و كأنّها شكليّا وظاهريّا العكس تماما . ففي عام 2003م اختار هو وآخرون الانضمام لل-IMT. وكان احد الأسباب الرئيسيّة لقراره ذاك هو اعتقاده الخاطئ بانّ أهمّ شيء باستطاعتهم أن يفعلوه من أجل تعجيل قضيّة بناء حزب ثوري في إسرائيل في ذاك الوقت هو الانضمام للحزب الشيوعي بغية تجنيد عناصر راديكالية خاصّة بين الصفوف الفلسطينية فيه. فجماعة ال- IMT(المعروفة بتصوّرها بأنّ الدخول في ، و دعم احزاب إصلاحية مثل الاشتراكيّة الديمقراطيّة والاحزاب الستالينيّة هو مرحلة لا يمكن تجنّبها في كفاح الطبقة العاملة) انّما كانت توّاقة ومتحمّسة لتشجيع و تأييد هكذا فكرة .
الاّ أنّ الحوادث التاريخيّة كانت تعمل على حثّ راديكالية الرفاق الّذين تابعوا مسيرتهم لتأسيس ال- ISL. وكانت الحركة الصهيونيّة تتّجه بسرعة نحو أزمة في شرعيّتها حيث أنّ قمعها الشرس للفلسطينييّن بدأ ينكشف أكثر فأكثر للعالم أجمع . و أكثر أهميّة من ذلك كان وصول الكفاح الفلسطيني الى طريق مسدود و كذلك الى أزمة قياديّة فلسطينيّة فظيعة . ففي “اتّفاقيّات أوسلو” لسنة 1993م قامت الزعامة الوطنيّة لمنظّمة التحرير بخيانة النضال من أجل تقرير المصير الفلسطيني بقبولها حقّ دولة اسرائيل بالوجود والبقاء على أرض فلسطينيّة مسروقة . ومنذ ذلك الوقت ، ومن خلال حكومة السلطة الفلسطينيّة الغارقة في الفساد ، قامت منظّمة التحرير بكبح الجماهير الفلسطينيّة بقبضة حديديّة بالنيابة عن اسرائيل في الاراضي القليلة الصغيرة الّتي تمّ السماح لها بالاشراف عليها . وكردّة فعل لهذه الخيانة بدأت حركة ” حماس ” الشعوبيّة ، و جماعات أخرى ، تزعم أنّ لديها خيارات سياسيّة ليست بمثابة صفقة خيانة مع الصهاينة . و رغمّ انّ الحوادث لا تثبت صحّة مزاعم هذه الجماعات الاّ انّ وقفتها الراديكالية اكسبتها دعما جماهيريّا و شعبيّا متزايدا .
انّ الخلافات الاوّليّة للرفاق المؤسّسين لحركة ISL مع حركة IMT طفت الى السطح عقب غزو اسرائيل لدولة لبنان سنة 2006م . فزعماء ال-IMT أصرّوا على أنّ الطبقة العاملة اليهوديّة في اسرائيل ليست أقلّ ثوريّة من سواها ، وبالتالي فقد كانوا يأملون في انّ هزيمة اسرائيل في الحرب و فشلها في تحقيق أهدافها سيشعل و يهيّج الراديكالية نحو اليسار ضمن تلك الطبقة المذكورة . و لكن تبيّن أنّ العمّال اليهود الاسرائيلييّن لم يؤيّدوا بشكل جماعي تلك الحرب الاسرائيليّة الدمويّة فحسب بل اندفعوا بعد الحرب أكثر فأكثر نحو اليمين ممّا عزّز مكانة السياسييّن الاسرائيلييّن اليمينييّن الّذين انتقدوا حكومتهم لعدم الاستمرار في تلك الحرب بطريقة أكثر شراسة .
هذا التطوّر يمكن تفسيره بالطبيعة الاستثنائيّة الشاذّة لدولة اسرائيل كدولة استيطانيّة و دولة مستوطنين . فالحقيقة الاساسيّة هي أنّ عمّال العالم ” ليس لديهم ما يفقدونه سوى سلاسل قيودهم ” وبالتالي لديهم مصلحة رئيسيّة في قلب النظام الرأسمالي . لكن لا يمكن قول نفس الشيء عن العمّال اليهود في اسرائيل . فهم ، شأنهم شأن سائر شرائح الطبقة العمّاليّة الارستقراطيّة في الدول الامبرياليّة ، يتمتّعون ببعض الميّزات الماديّة استنادا الى الحالة الامبرياليّة للطبقة الحاكمة . الاّ أنّهم مع ذلك ليسوا كسائر عمّال الطبقة العمّاليّة الارستقراطيّة لأنّ مكاسبهم و منافعهم انّما هي على حساب الجماهير الفلسطينيّة ولأنّهم يعيشون على أرض فلسطينيّة مسروقة .
وهكذا فهم يرون الاعمال العدوانيّة لدولة اسرائيل كأكبر ضمان لبقائهم المميّز ! وبينما ال- IMT ، شأنها شأن معظم الجماعات الاشتراكيّة ، تغضّ النظر عن هذه الحقائق ، فانّ ألأعضاء الآتين لحركة ISL سيعملون ايضا على غضّ النظر عن تلك الحقائق اذا كان لا بدّ لهم من دفع المنظور الحقيقي للكفاح الفلسطيني للتحرير الى الامام من أجل ثورة اشتراكيّة في الشرق الاوسط .
الضربة القاصمة بانت في الحرب الاهليّة الّتي اندلعت في غزّة صيف 2007م. فالانتخابات التشريعيّة للسلطة الفلسطينيّة الّتي جرت سنة 2006م اسفرت عن فوز كاسح لحركة ” حماس ” على حساب حركة ” فتح ” ، ابرز حركات منظّمة التحرير الفلسطينيّة . ففي السنة الّتي تلت الانتخابات شنّت العناصر المسلّحة لحركة “فتح” ، مدعومة سياسيّا وماديّا من اسرائيل والولايات المتّحدة ، هجوما على ” حماس ” من أجل اقصائها عن مركز القوّة . ونظرا لادراك حركةISL بأنّ الجماهير الفلسطينيّة أنعمت على ” حماس ” بالفوز الساحق في الانتخابات نكاية في حركة “فتح” لخياناتها ، ولأنّ هجوم ” فتح ” على “حماس” انّما شنّته حركة “فتح” تنفيذا للمخطّط الامبريالي الاسرائيلي-الامريكي ، فانّ الاعضاء الآتين لحركة ISL صحّحوا موقفهم عن طريق دعم وتأييد الجماهير الفلسطينيّة في غزّة الخاضعين لحكم “حماس”. أمّا زعماء حركة IMT فقد عارضوا هكذا موقف فاضح واصرّوا بدلا عن ذلك على التزامهم بالحياد في الحرب الاهليّة الفلسطينيّة .
لكنّ اعضاء حركة ISL لم يرضخوا لحجّة زعماء حركة IMT بل ذهبوا لحضور المؤتمر الدولي للحركة في مدينة برشلونة في اسبانيا سنة 2007م لشرح و توضيح قضيّتهم . وانّ ضغط أجواء النقاش هناك جعل الرفاق ينظرون بموضوعيّة وذكاء تحليلي الى المواقف الّتي كانت حركة IMT تطوف بها حول العالم، بقدر ما جعلهم ينظرون بعمق الى جذور خلافاتهم السياسيّة .
وكما يشرحون في وثيقتهم ” انفصال ISL عن IMT ” فانّ الرفاق سرعان ما جادلوا ضدّ سياسات الجبهة الشعبيّة لحركةIMT في دولة باكستان حيث كان مؤيّدوها يعملون ضمن ” حزب الشعب الباكستاني ” البرجوازي ، وفي دولة فنزويلا حيث صارت حركة IMT بمثابة المشجّع الموافق للوطني البرجوازي ” هوغو شافيز ” . وخلال تلك النقاشات أمسكوا بزعيم حركة IMT الان وودز متلبّسا بكذبة مفضوحة عندما انكر حقيقة انّ الشيوعييّن الايرلندييّن ساندوا الوطنييّن في الحرب الاهليّة لسنة 1922م-1923م . و كلّ ذلك كان ، كما في المتوقّع ، اكثر ممّا كان زعماء IMT قادرين على تحمّله ، فقاموا على الفور بطرد الرفاق بدون حتّى رفع التهم ضدّهم ولا حتّى اعطائهم الحقّ في الدفاع عن آرائهم في جلسة محاكمة.
تأسيس آراء ال- ISL
في صراعهم السياسي مع قيادة ال- IMT، خلافات التابعين لل- ISL حول النضال الفلسطيني انتشرت بسرعة الى اختلافات حول مجموعة من الموضوعات الدولية. واتباعا لطرد الرفاق بدئوا بإعادة النظر في فهمهم للماركسية في مستواها الأكثر أساسا.
1. في الدفاع عن استراتيجية الثورة الدائمة
خيانة قضية تقرير المصير الفلسطينية من قبل منظمة التحرير الفلسطينية أكدت وجهة نظر تروتسكي حول الثورة الدائمة، التي تعلم بأن القوات البرجوازية بين المضطهدين تعتمد على النظام الامبريالي من أجل الاجتماعية المتميزة وفي نهاية الأمر سوف تتخذ موقفا ضد الجماهير. لقد ادعى تروتسكي ان نضال المضطهدين من اجل تحررهم استطاع فقط أن يحقق النصر من خلال الاسقاط الثوري للرأسمالية بواسطة الطبقة العاملة؛ وأن الطبقة العاملة تمكن بالمقابل فقط أن تفوز بالدعم الشعبي وأن تلائم نفسها لأن تحكم من خلال تأسيس نفسها كبطل لا يتزعزع لقضية المضطهدين.
مع ذلك، كثيرون ممن انتحلوا علم التروتسكية أصروا على أن الفلسطينيين اضطروا الى التضحية بحقوقهم الى حد معين من اجل ان يحظوا بدعم العمال الاسرائيليين. رفاق ال-ISL استخلصوا بأن نقطة البداية لبرنامج ثوري في اسرائيل / المناطق المحتلة كان يجب أن يكون نضال غير قابل للتنازلات من أجل الاصرار الفلسطيني، والذي معناه الحق الكامل في عودة الفلسطينيين الى ديارهم ووطنهم وحقهم في حكم الاغلبية في دولة العمال الفلسطينيين.
كيف كان من الممكن تحقيق ثورة عمال كهذه؟ مع الادراك بأن الجماهير الفلسطينية كانت مجردة من السلاح، ودولة اسرائيل تفوقها قوة فإن قادة IMT قد اقنعوا مسبقا اتباع ISL بأن لا يوجد الفلسطينيين أي بديل سوى تأسيس آمالهم على الاحتمال الثوري المفترض لدى الطبقة العاملة الاسرائيلية. اتباع ISL أدركوا أن هذه المنظور ليس فيه أمل، وانطلقوا من المنظور الضيق المحدود بالحدود القومية لاسرائيل وفلسطين وأشاروا الى الاحتمال الكامن في النضالات الثورية للطبقة العاملة في المنطقة بأكملها، وعلى وجه التحديد طبقة العمال العربية في الدول المجاورة بأن تشكل عنصرا مساعدًا وتهب لنجدة العمال الفلسطينيين والفقراء. نضال الطبقة العاملة في فلسطين سيستمر في نفس الوقت بدوره الملهم في نضال الطبقة العاملة وضد الامبريالية في الشرق الأوسط حول العالم.
إضافة الى ذلك، ادرك اتباع ال-ISL ان وراء رفض IMT الدفاع عن حماس ضد هجمات فتح تحت رعاية الامبريالية قد وقفت مواقف عامة تلائم نفسها تجاه الامبريالية. على سبيل المثال، في قضية حرب مالقيناس سنة 1982، ال-IMT رفضت ان تدافع عن الارجنتين، دولة مستعمرة مضطهدة، ضد الامبريالية البريطانية. بشكل مماثل، في الصراعات في ايرلندة الشمالية، رفضت ال- IMT أن تقف الى جانب ال- IRA الذي يقاتل ضد الامبريالية االبريطانية. وما وراء ال- IMT، اتباع ال-ISL رأوا بأن جميع التجمعات الرئيسية التي تنتحل علم التروتسكية قد أقدمت في مرحلة أو أخرى بشكل مشابه على خيانة مبدأ الدفاع الذي لا يتزعزع عن المضطهدين ضد الهجوم الامبريالي.
2. انهيار الستالينية وافلاس أرثوذكسية التروتسكية
انهيار النظام الستاليني كان عنصرا آخر في التحول الى الراديكالية من قبل ISL، وهذا الانهيار كان حدثًا غير متوقع من قبل منظمات “أرثوذكسية التروتسكية” الذي كان الأعضاء المؤسسون ل ISL جزئا منه. اليقين والايمان الجذري للتنظيم الأرثودكسي هو أن الدول الستالينية كانت دول عمال. هذا الرأي قد فند بالحقيقة أن الطبقة العاملة بالكاد حركت ساكنا للدفاع عن دولتهم من الانهيار وفي حالات كثيرة كانت القوة الدافعة في النضالات الجماهيرية ضد الستالينية. لكن، اذا لم تكن دولة ستالين دولة عمال، ماذا كانت ماهية طبقتهم، اعضاء ال- ISL استخلصوا بشكل صائب انه اذا كانت الطبقة العاملة مضطهدة ومستغلة من قبل هذه الدول، فإن البيروقراطية الستالينية التي حكمتهم لا بد وأنها قامت بدور الطبقة الحاكمة الرأسمالية.
انفصال ال ISL عن نظرية دولة العمال الأرثوذكسية لم يقودهم الى انفصال عن الثروكسية، مع ذلك. على العكس، فقد استمروا في نضالهم للدفاع عن التقليد الثوري الأصيل من التنكيل والتشويه. اعضاء ال-ISL قاتلوا داخل ال-IMT لحماية منطلق الثورة الدائمة من أولئك الذين خانوها باسم تروتسكي. الان هم قد فهموا بإن الفكرة حول خلق الستالينيين دول عمال بعد الحرب العالمية الثانية قد خانت ليس فقط حكم تروتسكي على الستالينية بأنها قوة ثورة مضادة كليا، وإنما ايضا الفهم الماركسي بإن طبقة العمال وحدها قد تهزم الرأسمالية. ال- ISL الان رأوا بأن رفض التوهمات في الاحتمال المتقدم في الستالينية كان ضروريا لاحياء التقليد الثوري الاصيل للتروتسكية.
ما هو جدير بالذكر ومهم، ان اعضاء ال-ISL استنتجوا بسرعة ان الفكرة في أن قوات ستالين استطاعت ان تلعب دورا ثوريا قد عبرت عن نقض يدعو للسخرية في الثقة في الاحتمال الثورة للطبقة العاملة، وكذلك الأمل الواهم بأن قوات غير بروليتارية كان بإمكانها ان تنجح في إسقاط الرأسمالية حيث فشل العمال في ذلك. هذا الموقف الساخر (التهكمية) قد فسر استسلام ال- IMT لاصلاحية الديمقراطية الاشتراكية في بريطانيا، وكذلك دعمها السياسي للقوات القومية البرجوازية في باكستان وفنزويلا. فسّر أيضًا نفس الاستسلام لدى ال Spartacists الذين كانوا تواقين لدعمهم الاحتفائي بالاستالينيين وكذلك الجبهات الشعبية القومية المتأثرة بالستالينية مثل الالساندينية في نيكاراجوا وال-FMLN في السلفادور في الثمانينات.
عندما اعاد اعضاء ال- ISL فحص تاريخ التروتسكية، بدأوا بتتبع نموذج الخيانات عودة الى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. الدعم الجبان من قبل ال IMT لهوغو تشافيز في فنزويلا لم يكن مختلفا بشكل جذري عن دعم “الاممية الرابعة” (FI) ما بعد الحرب لتيتو في يوغوسلافيا الذي عرض عليه قادتها بسخافة عضوية في التنظيم. أتباع ال- ISL عرفوا بأن ال- FI قد تخطى حد الطبقة من خلال دعمه لحكومة الحزب البرجوازي “المناهض للإمبريالية”في ثورة بوليفيا سنة 1952، القسم البوليفي الكبير نسبيا لل- FI مع أساس ذو أهمية في الطبقة العاملة، قد خان المبدأ الأساسي للتروتسكية حول القتال دائما من أجل الاستقلال السياسي والتنظيمي للطبقة العاملة عن القوات الرأسمالية. بذلك، ال- FI ساهم في شل التحرك والتقدم للطبقة العاملة وتحمل مسؤولية الهزيمة المحتملة للعمال. اتباع ال- ISLفقط لاحقا استنتجوا بأن هذه الخيانة قد أشارت عمليا إلى نهاية ال- FI كمنظمة ثورية.
مع هذه الافكار الاساسية ، ال- ISL تحولت لدراسة اراء التنظيمات القليلة التابعة للتروتسكية ظاهريا ذات تحليل “رأسمالية الدولة” للستالينية. توجّهوا أولاً إلى أكبر تجمع، وهو الميل الاشتراكي الدولي (IST) بقيادة حزب العمال الاشتراكي البريطاني (SWP). لكن مراجعة سريعة للملف السياسي للـ- IST كشفت عن نموذج مواقف استغلالية وانتهاز الفرص ليس أفضل من تلك الجماعات التروتسكية الأرثوذكسية التي انشقوا منها. على وجه الخصوص، ال-SWP كان مؤكدا ضد الصهيونية لكنه استسلم بشكل اعتيادي الى القيادات القومية والاسلام السياسي في بريطانيا وفي دول الشرق الأوسط المحتلة من قبل الامبرياليين. ال- ISL كان لديها مراسلة قصيرة المدى مع ال- IST التي أيضا كشفت الموقف الساخر لل- IST تجاه موضوعات وجوانب للنضال الثوري للطبقة العاملة في الشرق الأوسط: ال- IST نصحت ال ISL بأن تتنازل عن مجهوداتها وأن تنتقل الى بريطانيا!
بعد ذلك بقليل ، ال- ISL توجهت الى ال- LRP واكتشفت بأننا قد تشاركنا في مواقف مشتركة عامة حول الستالينية والصراعات في فلسطين. ال- ISL عندها بادرت بالاتصال مع ال- LRP وقمنا بحواراتنا ومباحثاتنا السياسية.
مواضيع النقاش، نقاط اتفاق واسئلة لنقاش مستقبلي
بعد أن تبادلنا وتشاركنا تاريخنا السياسي والرؤية العالمية العامة، كلا الفريقين بدأنا بفحص أكثر تفصيلا لتلك الأسئلة التي كان لدينا اتفاق اساسي حولها، اسرائيل/فلسطين المحتلة وماهية الطبقة في الدول الستالينية.
1. اسرائيل/ فلسطين المحتلة
بمراجعة نضالات تاريخية هامة، بدأنا بالمواقف الثورية تجاه حروب ال- 1948، 1956، 1973 فوافقنا على أهمية الوقوف مع الفلسطينيين ضد الهجمات الامبرالية لاسرائيل، بما في ذلك حرب 1948، موقف حتى ال- FI التي كانت لا تزال ثورية حينها قد فشلت بأن تتخذه في ذلك الوقت.
في البرنامج لنضال الطبقة العاملة في اسرائيل /فلسطين المحتلة اليوم، اتفقنا على أن نقطة الانطلاق هي نضال لا يقدم التنازلات من أجل الاطاحة بالدولة الاسرائيلية ومن أجل حق التقرير والاصرار للشعب الفلسطيني المضطهد، والذي يمكن الحصول عليه فقط على هيئة دولة عمال فلسطينيين تمتد على جميع أراضي المنطقة التي هي الان اسرائيل وفلسطين. لقد توصلنا الى اتفاق بدائي حول عدد من الموضوعات برنامجية، بما في ذلك سياسة اللغة معارضة اشتراك ثوريين في انتخابات الكنيست الاسرائيلية، المطالبة بتشكيل مجلس تاسيسي في اسرائيل /فلسطين المحتلة، قضية الأرض، الموقف الثوري تجاه اتحاد الهستدروت في اسرائيل، السياسة العسكرية البروليتارية لتروتسكي وتكتيكات لتحفيز وتقدم نضال الطبقة العاملة في إسرائيل. نتوقع لاتفاقاتنا حول هذه المواضيع أن تصادق على شكل مستندات منشورة في المستقبل.
هناك مسألة واحدة لا تتفق عليه المنظمات حول فيما اذا كان اليهود الاسرائيليون يشكلون أمة. ال- LRP قد افترضت ضمنا بأن الصراع لتجريد الشعبي الفلسطيني من أملاكه وبناء الدولة الصهيونية قد أقام أمة يهودية اسرائيلية مع اتفاق قومي عام متميز. ال- ISL من جهة أخرى، تعتقد بأنه في حين أن اسرائيل تحمل كثيرا من الخصائص الأساسية التي تميز أمة، فهي تفتقر الى التضامن الواعي مع نفسها بأنها أمة. حقيقة اسرائيل تنكر بشكل رسمي بأنها دولة مواطنيها، مصرة علة أنها دولة ومواطن أمة يهودية عالمية. كلا المجموعتان تعترف وتدرك بأن عدم الاتفاق هذا لا يؤثر على موقفنا تجاه تقرير الذات، الاصرار الاسرائيلي: كشعب مضطهد الذي تحقيقه للذات يمكن أن يتم لاحساب الفلسطينيين المضطهدين، اليهود الاسرائيليين لا يملكون الحق في نهب الأرض الفلسطينية أو الممتلكات، أو الحق في انتهاج اسلوب الفصل العرقي في حكم الاقلية.
2. الستالينية والنظرية الاقتصادية الماركسية
لقد قامت ال- ISL بدراسة كتاب ال- LRP “حياة وموت الستالينية” وعبرت عن موافقة واسعة المدى مع نظرية ال-LRP عن الستالينية كرأسمالية الدولة. تم التعبير عن ذلك لاحقًا في ملفها “التروتسكية والخاصية الطبقية للدول الستالينية.” ناقشنا ايضا فهم ال- LRP للنظرية الاقتصادية ونمط الأزمة الاقتصادية في عصر الانحطاط للرأسمالية الذي وصف مطولا في “حياة وموت الستالينية” وفي عدة مقالات منشورة، واستكشفت هذه الأفقكار أكثر في نقاشات الأزمة الاقتصادية الحالية.
3. القرار السياسي لمنظمة COFI
ناقشنا أيضًا، نقطة بعد الأخرى، التصريح البرنامجي الأكثر شمولية، القرار السياسي للمنظمة الشيوعية من اجل الاممية الرابعة”. أقمنا اتفاق شامل حول هذا الأمر، الذي تم المصاتدقة عليه عندما بدأت ال- ISL بنشر مستندات برنامجية خاصة بها، يشمل “الثورة الاشتراكية وحزب الطليعة ” الذي يتناول الدور الحاسم لحزب ااطليعة الثوري في زيادة الوعي الثوري لدى الطبقة العاملة و”موقف ال- ISL من الحروب”. نحن تحديدًا اتفقنا على معارضة استراتيجية “التوغل العميق” في داخل الأحزاب الستالينية أو ديمقراطية اشتراكية، والتي لا تشبه تكتيك الدخول المؤقت الذي دعمه وأيده تروتسكي في الثلاثينات.
4. أحداث معاصرة في النضال الطبقي
نقاشاتنا ايضا تناولت أحداث معاصرة في النضال الطبقي الدولي. لقد توصلنا الى استنتاجات مشابهة فيما يخص حرب روسيا – جورجيا في صيف 2008. البيان العلني صادر عن ال- LRP حول المسألة “الامبريالية الروسية خارج جورجيا! امبرياليو الولايات المتحدة وناتو خارج القوقاز!” قد أفاد بشكل كبير من نقاشاتنا، وموقف ال- ISL عبّر عنه لاحقا في “موقف ال- ISL من الحروب.” لقد ناقشنا أيضا حرب اسرائيل على غزة في شتاء 2008-9، واتفاقنا عبر عنه في التصريحات المستقلة لكلا من منظمتينا والتي نشرت حول هذه الأحداث، “اهزموا الامبريالية الاسرائيلية والامريكية- أوقفوا المذبحة في غزة” من قبل ال- LRP و”ليس لوقف اطلاق النار وإنما لانسحاب فوري لاسرائيل من غزة وتحطيم الحصار عن غزة!” من قبل ال- ISL.
للتلخيص
الصيف الماضي زار أعضاء ال-ISL الولايات المتحدة، وعضو المنظمة يوسي شوارتز كان الناطق في الاجتماع العام الذي نظم من قبل ال- LRP في مدينة نيويورك حول “أزمة الصهيونية واحتمالات للثورة في الشرق الأوسط”. في ذلك الاجتماع، كلا المجموعتين تناقشت حول صراع لا تنازلات فيه ضد الصهيونية ومن أجل حق الأمة الفلسطينية في تقرير المصير كجزء أساسي للصراع من اجل الثورة الاشتراكية في الشرق الأوسط. آخرون في الاجتماع، بما في ذلك ممثلون وداعمون سابقون للرابطة ال- Spartacist والميل البولشيفي الدولي (IBT) ادعوا بأن الاشتراكيين يجب أن يدعموا مطالب كل من الفلسطينيين واليهود الاسرائيليين لحق المصير وتقرير الذات. المتحدثون باسم ال- LRP وال-ISL تحدوهم بأن يصرحوا بشكل واضح أي من الحقوق الديموقراطية للفلسطينيين كانوا معارضين لها، بما أن اليهود الاسرائيليين يستطيعون فقط أن تكون لهم دولة خاصة بهم إما من خلال انكار حق العودة للفلسطينيين الى وطنهم الذي شردوا منه على أساس عرقي، أو من خلال حكمهم الاغلبية الفلسطينية بهيئة تفرقة عنصرية. لم يحاول حتى شخص واحد من مؤيدي المنظور ال Spartacist أن يجيب على سؤالنا. تجربة اعضاء ال- LRP وال- ISL في الدفاع المشترك عن المنظور العملي الوحيد الممكن للتحرير الفلسطيني قام فقط بالتأكيد أكثر على المنظور السياسي المشترك لنا وروابطنا المتنامية للرفاقية.
النقاشات حتى الآن قد أسست بشكل واضح درجة كبيرة من الاتفاق السياسي بين ال- LRP وال- ISL. نقاشات مستقبلية سوف تركّز أكثر على المنظورات ووجهات النظر الخاصة بـ LRP حول مواضيع ذات أهمية استراتيجية لصراع الطبقة في الولايات المتحدة بشكل خاص، مثل النضال ضد العنصرية، كذلك مسائل التي نوقشت حتى الآن بشكل عابر فقط، مثل فهمنا للعمل الثوري في الاتحادات وحركات جماهيرية أخرى. ستناقش وجهات نظر لبناء منظمتينا في دولتينا. سوف نحاول أيضًا أن نضع اتفاقاتنا لامتحان وفحص تطورات جديدة في النضال الطبقي الدولي من خلال التطرق الى تصريحات مشتركة حول موضوعات رئيسية. لقد بدأنا ذلك من خلال تبني أول تصريح مشترك لنا، “أوقفوا تهديدات الحرب الاسرائيلية الامريكية ضد ايران!”.
نحن واثقون بأن نقاشات اضافية، وكذلك امتحان العمل المشترك في الاستجابة لأحداث جديدة في النضال الطبقي الدولي، سوف تؤكد على أننا نتقاسم رأي عالمي ماركسي مشترك، وأن ال- ISL سوف تنضم الى التجمع الأخوي للرفاق في “المنظمة الشيوعية من اجل الاممية الرابعة” (COFI).