الاعلان المشترك للرابطة من اجل الحزب الثوري ( الولايات المتّحدة ) والرابطة الاشتراكيّة الامميّة ( اسرائيل / فلسطين المحتلّة )
انّ الكشف بتاريخ 18 سبتمبر/أيلول من الحكومة الايرانيّة عن أنّها شيّدت منشأة لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة ” قم ” أصبح ذريعة للمزيد من التهديدات بالعقوبات والحرب من قبل الولايات المتّحدة واسرائيل . فحكومة اسرائيل تهدّد علنا بالقيام بعمليّة قصف ضدّ ايران . والولايات المتّحدة الّتي مصالحها الامبرياليّة في الشرق الاوسط يمكن أن تكون رهينة المساومة بسبب هجوم اسرائيلي تحاول الحصول على الدعم الدولي من أجل فرض عقوبات صارمة على ايران لكي تنتزع تنازلات من ايران وتكبح الحملة الاسرائيليّة . وانّ نموذج العراق يبدي أنّ العقوبات في حدّ ذاتها انّما هي أعمال عدوانيّة كثيرا ما تستخدم للاعداد لحرب قتاليّة .
انّ الرابطة من اجل الحزب الثوري في الولايات المتّحدة والرابطة الاشتراكيّة الامميّة في إسرائيل / فلسطين المحتلّة تقفان معا لمعارضة كلّ التهديدات والهجمات على ايران سواء بالعقوبات أو بالغارات (عمليّات القصف العسكري) . انّه في مصلحة الطبقة العاملة والشعوب المقهورة أن تتّخذ موقفا ضدّ هذه التهديدات الّتي تهدف لحماية وضمان السيطرة الامبرياليّة على المنطقة .
الحكومة الايرانيّة تصرّ أنّ جهودها لتخصيب اليورانيوم انّما تتّجه لأجراء الابحاث وانتاج الطاقة وليس لانتاج الاسلحة . وسواء كان هذا صحيحا أم غير صحيح لا يشكّل فارقا في معارضة الهجمات الامبرياليّة على ايران . وفي محاولة معارضة امكانيّة التسلّح النووي الايراني نرى أنّ نفاق الولايات المتّحدة واسرائيل وقاحة يصعب تحمّلها . فالولايات المتّحدة تبقى لا تزال الدولة الاولى والوحيدة في استخدام السلاح النوويّ بارتكابها الشناعة المزدوجة بإلقاء قنبلتين ذرّيتين على “هيروشيما ” و” ناغازاكي ” . والمخزون النووي لدولة اسرائيل الّذي لم يقرّ به علنا مسؤولوها الحكوميّون هو سرّ مكشوف وتهديد دائم لكلّ شعوب الشرق الاوسط . ومثل برنامج ايران النووي العسكري المزعوم فانّ السلاح النووي الاسرائيلي تمّ تطويره بشكل سافر متحدّيا اتّفاقيّة عدم انتشار السلاح النووي حيث أنّ سلاح اسرائيل النووي تمّ بناؤه بدعم كامل من الامبرياليّة الامريكيّة والفرنسيّة. موردخاي فانونو , الفنّي النووي سابقا الّذي كشف بجرأة وبطولة للصحافة الدوليّة عن وجود هكذا برنامج , يعرّض للمضايقات والسجن مرارا من السلطات الاسرائيليّة .
وبينما ليس من مصلحة الجنس البشري تزايد عدد الاسلحة النوويّة فانه تبدو, في عالمنا الّذي نعيش فيه , اتّفاقيّة عدم الانتشار تأكيدا لميّزة الاحتكار في أيدي قلّة من السفّاحين ( بالاضافة للصين, والهند, وباكستان) تلك القلّة الّتي هي بمثابة ” النادي النووي “.
نحن ندافع عن حقّ ايران في تطوير السلاح النوويّ لأنّ لديها الحقّ في الدفاع عن نفسها ضدّ التهديدات الامبرياليّة المستمرّة .
خلف قعقعة السيوف
المسؤولون الحكوميّون الامريكيون اقرّوا بأنّهم كانوا على دراية بموقع ” قم ” منذ سنوات . وحسب التقارير فانّ الموقع نفسه يحتاج لعدة أشهر لأستكمال البناء . المسؤولون الامريكان زعموا أنّهم كانوا يخطّطون لمواجهة الايرانييّن بخصوص الموقع ولكنّهم ” فوجئوا ” بالكشف الايراني . وايران تصرّ أنّ الكشف الّذي أعلنت عنه كان ضمن الحدود الزمنيّة الّتي تتطلّبها اتّفاقيّة عدم الانتشار النوويّ. ولم يقم الرئيس أوباما بشجب “الخداع” الايراني الاّ بعد فوات أربعة أيّام على قيام ايران بالافصاح . وكما يبدو فانّ الاتّهامات ضدّ ايران انّما هي ذريعة تثير التساؤل التالي: ماذا تعتقد أمريكا , واسرائيل , والعناصر الامبرياليّة الاخرى أنّها ستجني من الإلحاح على الموضوع الآن ؟
بالنسبة لأسرائيل فالموضوع يبدو أوضح بعض الشيء. فهزيمتها على أيدي حزب اللّه لدى غزوها لبنان صيف 2006م جعل فاعليّة الآلة العسكريّة الأسرائيليّة تتآكل. كما وأنّ فشلت اسرائيل في تحقيق نصر واضح ضدّ ” حماس ” في هجومها ألأخير على غزّة برز كتأكيد آخر على ذلك ممّا أثار التسآؤلات حول قدرة اسرائيل على ضبط الأمن في المنطقة المجاورة لها مباشرة , وبالتالي , حول مدى فائدتها للولايات المتّحدة كشريك أصغر في المنطقة . كما وأنّ تقرير غولدستون عن جرائم الحرب الّتي ارتكبتها اسرائيل أثناء مجزرة غزّة أنذر باحداث المزيد من التخفيض في مكانتها المنحدرة أصلا في الرأي العام العالمي. وهكذا فانّ اثارة موضوع ” قم ” بشكل استفزازيّ ساعد اسرائيل على تحويل الانظار والانتباه من فشلها واجرامها الى ايران بينما تستعرض اسرائيل عضلاتها العسكريّة من أجل اثبات اهميّتها المتواصلة في فرض قوّتها على الصعيد الاقليمي ومن أجل الزام أمريكا على مساندتها .
لكنّ هذا ألامر أكثر تعقيدا بالنسبة للولايات المتّحدة . فالأزمة الماليّة الأخيرة والنكسات العسكريّة المتتالية الّتي تكبّدتها امريكا بسبب احتلالها العراق وافغانستان قلّلا من قدرتها على فرض املاءاتها كالدولة الزعيمة الرائدة في النظام الامبريالي . بقلبها لصّدام وإنهائها للحكم السنّي في العراق عزّزت أمريكا من مكانة ايران كقوّة اقليميّة وهو في حدّ ذاته تطوّر ترغب أمريكا في قلبها. وبتوجيه الاتّهامات لايران يحاول أوباما جرّ بريطانيا وفرنسا وألمانيا وراء زعامة الولايات المتّحدة بينما يمارس الضغوط على روسيا والصين ليجعل تلك الدولتين متماشيتين ” ضمن الخطّ ” الموازي للاجماع في الرأي الدولي وفق الخطّة الامريكيّة. وقرار أمريكا الأخير بعدم نصب نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقيّة ( ممّا كان سيهيّج روسيا ) يوحي بأنّ الولايات المتّحدة كانت تأمل من روسيا أن تردّ الخدمة بمصادقتها على العقوبات على ايران .
والتهديدات الجديدة ضدّ ايران تتزامن مع جهود أوباما لاحياء حلّ الدولتين للفلسطينييّن , ذاك الحلّ الّذي يحتضر, ومجرى السلام , الّذي لا نهاية له بين اسرائيل والسلطة الفلسطينيّة الّتي تتزعّمها حركة ” فتح “. فحكّام معظم الدول العربيّة عديمو الثقة بالنظام الايراني بسبب التنافس طويل الأمد لأسباب عرقيّة ودينيّة والتحدّي الصارخ الذّي تبديه ايران أمام مطالب الولايات المتّحدة واسرائيل , ذاك التحدّي الّذي يبدو متباينا بشكل غير مؤات للرأي العام المحلّي لدى الحكّام العرب الّذين اعتادوا أن يتبنّوا مواقف استسلاميّة . وبتراجعه عن مطالبة اسرائيل بالموافقة على تجميد البناء الاستيطاني في الضفّة الغربيّة فانّ أوباما , على الارجح , ومستشاريه في الشؤون الخارجيّة , شأنهم شأن حكومة نتنياهو , سيركّزون الانتباه على التهديد الايراني المزعوم كتمويه واق للهجمات على الفلسطينييّن . لكنّ هذه لعبة خطيرة قد تؤدّي الى مواجهة عسكريّة تحاول امريكا جاهدة لتجنّبها . فتح جبهة حرب أخرى سينشر الموارد العسكريّة الامريكيّة أكثر فأكثر في الوقت الّذي فيه حروب أمريكا في افغانستان والعراق اقلّ شعبيّة داخل أمريكا نفسها .
الصراع في داخل ايران
نحن نظلّ معارضين سياسيّا للنظام الايراني – ليس فقط حكومة احمدي نجاد بل كلّ تركيبة ” الجمهوريّة الاسلاميّة ” الّّتي نتجت عن قيام زعامة برجوازيّة محافظة يسيطر عليها رجال الدين باختطاف ثورة 1979م واستبدالها بثورة مضادّة دمويّة مناوئة للطبقة العاملة وحليفاتها . وليس من أقلّ أخطار التهديدات الامبرياليّة ضدّ ايران احتمال مساعدتهم لهكذا حكّام لاخماد المعارضة وكسب التأييد بتلميع مزاعمهم في مناهضة الاستعمار .
انّ تأييد أحمدي نجاد , كما فعل بعض اليسارييّن , استنادا الى لغته الهيّاجة الملّمعة المنّمقة ( والّتي لا تخلو من المغالاة ) ضدّ أمريكا واسرائيل, وسياساته الاقتصاديّة الغوغائيّة انّما هو اهانة للعمّال, والنساء, والاقلّيات القوميّة , والمثلييّن والعناصر الاخرى المكبوتة , ألخ , الّذّين عانوا لمدّة ثلاثة عقود تحت حكم رجال الدين والّذين حتما سيكونون أكثر من يعاني جرّاء هجوم امبريالي على ايران . انّ الدفاع عن ايران ضدّ ايّ هجوم امبريالي فهو من المتطلّبات الرئيسيّة لبناء قوّة ووعي الجماهير الّتي لا غنى عنها للاطاحة بالنظام الحاكم .
ولذا فانّنا نؤيّد التظاهرات الجماهيريّة في ايران والّتي أوّل ما اندلعت بعد انتخابات الثاني عشر من حزيران والّتي جرى تنظيمها بشكل فاضح لكي تكون لصالح أحمدي نجاد . والزعماء الرسميّوّن لهذه التظاهرات , والّذين كان من أبرزهم المرشّح الرئاسي مير حسين موسوي , يظلّون موالين للجمهوريّة الاسلاميّة , وفي حالة حسين موسوي فقد ترأس عمليّة قمع دمويّ ضدّ المعارضين الّّذين كانوا في خدمة الجمهوريّة الاسلاميّة. الاّ أنّ المصادقة السريعة من ” الزعيم الاعلى ” آية اللّه خامنئي لنتائج الانتخابات والقمع الصارم الّذي تلاها تبدي أنّ النظام لا يجيز المطالب الديمقراطيّة للجماهير . كما أنّ موسوي نفسه لا يختلف كثيرا عن أحمدي نجاد في تأييد عملياّت الخصخصة الواسعة والإجراءات التقشّفيّة الّتي تواكبها . فالتزامهما المشترك للنظام الاقتصادي الرأسمالي انّما هو مؤشّر الى أيّ حدّ أيّهما ممكن أن يواجه الامبرياليّة ! فالاحتياجات الاقتصاديّة لأغلبيّة الشعب الايراني ليست أكثر توافقا مع الرأسماليّة من العصيان الاجتماعي ضدّ حكم رجال الدين!
فبعد عدّة شهور من خمود التمرّد عادت تلك التظاهرات للبروز من جديد في الثامن عشر من ايلول ( يوم القدس ) . تقليديّا هذا اليوم هو مناسبة للنظام للتظاهر والتفاخر بالخطابات الرجعيّة اللاساميّة الاّ انّ هذه المناسبة أضحت فرصة للجماهير للخروج الى الشارع لابداء معارضتهم لحكّامهم . وفي مقال ورد في الاسبوع العمّالي افادت الحركة الايرانيّة اليساريّة بأنّ الشعار الطاغي في طهران أصبح دوليّا: سواء في غزّة أوايران , أوقفوا عمليّات قتل الشعب … أيران أصبحت مثل فلسطين ” … ! وهي تعز هذه الظاهرة الى “وجود وتأثير اليسار السياسي”. ونفس المقال كشف تقريرا عن صراعات عمّاليّة جرت مؤخّرا في ايران وفسّرها هكذا : ” رغم أنّ معظم هذه التظاهرات كانت في البداية لتأييد المطالب الاقتصاديّة ولمعارضة الانغلاق الاّ أنّه كلّما ظهرت قوّات الامن صار المتظاهرون يهتفون : ” الموت للطاغية ” … !
هكذا حادثة هي بمثابة مؤشّر يبعث على الامل في المستقبل وتدلّ على ضرورة الحلّ لفلسطين وايران . فالطبقة العاملة الايرانيّة كانت قويّة بما فيه الكفاية للاطاحة بحكم الشاه سنة 1979م مسقطة بذلك اقوى حلفاء أمريكا غير اسرائيل . لكنّ عدم وجود حزب ثوريّ قادر على توفير الزعامة والحلول الاشتراكيّة للجماهير المنتفضة أدى الى قيام رجال الدين وحلفائهم بحصد ثمرات تمرّد العمّال . وبالتالي كانت النتيجة ليس التحرّر من الامبرياليّة بل اعادة تنظيم الحكم الرأسمالي لاثراء نخبة متماسكة برباط وثيق. فتاريخ ايران يعطي تأكيدا , بطريقة سلبيّة , للفرضيّة المركزيّة لنظريّة ” تروتسكي ” عن الثورة الدائمة بأن المطالب الديمقراطيّة للجماهير لا يمكن تحقيقها بدون زعامة مستقلّة للعمّال خلال ثورة اشتراكيّة تتخطّى حدود القوميّة . فالآن , وبعد ثلاثة عقود , الطبقة العاملة الايرانيّة ازدادت بعدّة ملايين ومرّت في التجربة السياسيّة للحكم الاسلامي . الاّ انّ الحزب الثوري الّذي يجسّد دروس وعبر الجيل المنصرم والّذي يعمل للامساك بزمام الحكم لا يزال بحاجة للبناء .
انّ تجربة الحرب تبدي ذلك بوضوح . ففي الصراع بين الامبرياليّة وايران حتّى تحت حكم الرجعييّن الحالييّن الثوريّون يتّخذون موقفا : ضدّ الامبرياليّة ودفاعا عن ايران . نحن نؤيّد حقّ تقرير المصير لكي نقف الى جانب الامّة المغلوبة على أمرها ضدّ قامعيها . وكون الطبقة العاملة هي المدافع بمثابرة عن الحقوق الديمقراطيّة يثبت انّ الثورة العمّاليّة هي الطريق الوحيد للدفاع عن الجماهير ضدّ الامبرياليّة .
نحن نحثّ الطبقة العاملة لتأسيس والاحتفاظ باستقلالها السياسي والاستمرار في العمل على قلب دولة الرأسمالييّن من أجل الدفاع عن الجماهير بطريقة أفضل . ومع ذلك فانّ أغلب اليسار الايراني , والّذي من دوافعه الفزع على نظام حكم الجلاّدين , لا زال يرفض اتّخاذ موقف واضح , أو بالأخرى يتّخذ الموقف الخاطئ. فمثلا الحزب الشيوعي العمّالي الايراني أخذ يحثّ الشعب , عقب انتخابات حزيران , بمطالبة الامم المتّحدة والاتّحاد الاوروبي على الطلب باجراء انتخابات جديدة – لا بل حتّى المطالبة بتدخّل المؤسّسات الامبرياليّة . وهناك آخرون , مثل ال-IMT, تتّخذ موقفا محايدا والذّي هو في حدّ ذاته بمثابة تغيّب مجرم في وجه حملة الحرب الامبرياليّة المتصاعدة . ففي رأينا , سواء في دولة امبرياليّة أو غير امبرياليّة , الصراع ضدّ الامبرياليّة لا ينفصل عن الصراع من أجل قلب الرأسماليّة . فالاوّل مستحيل بدون الآخر .
انّ دولة ايران تحت حكم العمّال ستعمل على زعزعة النظام الكامل للدول الّتي تبقي الشرق الاوسط تحت هيمنة الولايات المتّحدة بما فيها اسرائيل الّتي هي حجر الزاوية في التركيبة الاقليميّة. فدولة تحت حكم العمّال ستكون بمثابة الهام للشعوب المقهورة والمستغلّة في المنطقة كلّها يتجاوز التقسيمات العرقيّة والطائفيّة الّتي زرعها الحكّام . لكنّنا واثقون أنّ الاحداث ستبدي بأنّ الصهاينة والامبرياليّون الآخرون لديهم ما يخيفهم من ثورة عمّاليّة أكثر ممّا تخيفهم القنبلة الذريّة الاسلاميّة . ومن أجل تحقيق ذلك لا بدّ من بناء أحزاب ثوريّة من الطبقة العاملة في كلّ بلد كجزء من احياء الثورة الاشتراكيّة في العالم , بمعنى آخر اعادة تأسيس ” الامميّة الرابعة ” .
نحن كثوريّين في الولايات المتّحدة واسرائيل نقف ضدّ النزعات الحربيّة للطبقات الحاكمة . فنحن نوجّه نداء للعمّال ذوي العقول الثوريّة الّذين يشاطروننا الرأي للانضمام الينا في عملنا من أجل بناء الحزب الثوري الدولي للطبقة العاملة .
فلتوقفوا التهديدات والاستفزازات الامريكيّة والاسرائيليّة ضدّ ايران !
فليخرج الامبرياليّون من العراق وأفغانستان !
من أجل دولة عمّال فلسطينيّة من النهر الى البحر !
من أجل اتّحاد فدرالي ثوري للشرق الاوسط !
من اجل اعادة تأسيس ” الامميّة الرابعة ” , الحزب العالمي للثورة الاشتراكيّة !