لا نزال لا نعرف بالضبط العدد الصحيح للّذين قتلهم الجيش الاسرائيلي بدم بارد . التقارير غير الرسميّة الواردة من خارج اسرائيل افادت بأنّ عدد القتلى يتراوح ما بين 14 و 20 قتيلا وعشرات الجرحى . و جنسيّات الضحايا لا تزال غير معروفة .
الدولة الصهيونيّة تزعم أنّ جرائم القتل انّما ارتكبتها دفاعا عن النفس . في حين أنّه عندما يتعرّض الجنود الاسرائيليّونورجال الشرطة للهجمات من المستوطنين اليمينييّن فانّ الجيش الاسرائيلي لا يستخدم الذخيرة الحيّة اذ أنّ استخدام الذخيرة الحيّة موقوف على الفلسطينييّن وأنصارهم فقط .
عندما تمّ اخلاء مستوطنة ” ياميت ” في 23 أبريل/نيسان 1982م قوبل الجيش الاسرائيلي بالعنف من اليهود اليمينييّن والّذين كان منهم الكثير من أتباع الفاشيّ ” مئير كاهانا ” من الولايات المتّحدة .
فعمليّة الاخلاء بدأت رسميّا الساعة الثانية بعد الظهر في الثالث والعشرين من أبريل/نيسان. تسلّق الجنود الى اعلىالبيوت المحصّنة بالمتاريس بينما شرع المتظاهرون بالقاء الرمل والاطارات المشتعلة الى أسفل . قام الجيش الاسرائيليبرشّ الرغوة على المستوطنين المقاومين الاّ انّ المستوطنين لم يشعروا بالاحباط ونقلوا مقاومتهم الى مواضع تحتاسطحة البيوت مباشرة . تمّ حمل الجنود في أقفاص صغيرة الى اسطحة المنازل و من هناك استطاعوا اخراجالمستوطنين المقاومين من بيوتهم . وعمل الجيش الاسرائيلي خلالها على فتح ثغرات في البيوت حيث كان المستوطنون يعتصمون ثمّ استعمل خراطيم المياه العاملة بالضغط العالي لرشّ المستوطنين … !
الجيش الاسرائيلي استخدم الجنود ، ذكورا واناثا ، لحمل المستوطنين الّذين رفضوا مغادرة بيوتهم. فالمجنّداتالاسرائيليّات حملن النساء والاطفال ، و خلال عمليّة تخلية ” ياميت ” ظلّ الجنود الاسرائيلييّن غير مسلّحين . عن صحيفة ” جروزالم بوست ” ، رابينوفيتش، أبراهام . ” المستوطنون لم يكونوا هم المشكلة “(23 حزيران ، 2005م ) ” عندما قام يهود باخلاء يهود ” ( 28 حزيران، 2005م) .
الشهر المنصرم ، في 19 أبريل/نيسان ، افادت مصادر اسرائيليّة أنّ مجموعة من مستوطني “يتسهار” الغير قانونيّة هاجموا بعض الجنود الاسرائيلييّن وأصابوا واحدا منهم بجروح طفيفة مساء يوم الخميس . كما ورشقوا السيّارات العسكريّة بالحجارة وشرطوا اطارات سيّارة عسكريّة أيضا . وكان المستوطنون في طريقهم الى قرية فلسطينيّة تقع جنوبيّ مدينة نابلس عندما وصل الجيش الاسرائيلي الى هناك وراء زعم أنّه كان ينوي ايقاف المستوطنين . فاشتبك المستوطنون مع الجنود وهاجموهم لكنّ الجيش لم يحرّك ساكنا عندها … !
ونفس الشيء يقال عندما يهاجم المتديّنون اليهود رجال الشرطة في القدس . وهكذا فانّ جريمة قتل الناشطين الفلسطينييّن كانت سياسة محسوبة … !
وكما كتبنا أكثر من مرّة من قبل وكما كتبنا مرارا وتكرارا من قبل كلّما ازدادت الدولة الاستيطانيّة عزلة كلّما ازدادت عنفاوقمعا . فقد شاهدنا نفس الشيء في دولة جنوب أفريقيا خلال فترة حكم البيض العنصرييّن . كما ورأينا نفس الشيء أيضا في الجزائر ” الفرنسيّة ” اثناء الصراع من اجل الاستقلال .
لم تكن اسرائيل لتجرؤ على التصرّف هكذا لولا الدعم الاقتصادي والسياسي الّذي تلقاه من الدول الامبرياليّة الأخرى. فقد كان ردّ فعل الاتّحاد الاوروبّي ( والّذي انتمى اليه عدد كبير من ركّاب السفينة ) معتدلا جدّا .
في غضون الايّام القليلة القادمة سنسمع أنّ الناطقين بلسان شتّى الدوائر الاسرائيلّيّة وأصدقائهم في الدول الامبرياليّةالاخرى يتراجعون لاقناعنا بأن البحريّة الاسرائيليّة لم يكن لديها خيار آخر و أنّ نشطاء السلام هم من يقع اللوم عليهم ! الاّ أنّ الجماهير ليس بالأمر السهل أن ينطلي عليها هكذا مزاعم سامّة . فالدولة الصهيونيّة الّتي تعمل على تجويع مليون ونصف المليون من الفلسطينييّن في قطاع غزّة لها تاريخ طويل وحافل بالمجازر والمذابح ابتداءا من اعمالالتطهير العرقي الجماعي للأجئين الفلسطينييّن في 1947م-1948م . فكلّ اسرائيل هي في الحقيقة أرض مسروقة … !
والآن تطلع علينا الصحيفة الصهيونيّة اليوميّة ” هآرتز ” لتنذر الحكومة الاسرائيليّة بأنّ المجزرة على ظهر السفينة قد تشعل انتفاضة جديدة : ” … انّ أحداث يوم الاثنين سيترتّب عليها عواقب تؤثّر على علاقة الحكومة مع الفلسطينييّن و مع الاقليّة العربيّة في اسرائيل . و ستعمل حركة ” حماس ” على اذكاء النار من أجل ابعاد الجدل والنقاش عن الفخّ الّذي أوقعت فيه أهالي قطاع غزّة المحاصرة . وهناك احتمال تصاعد التوتّر على الحدود بين اسرائيل و قطاع غزّة بقدر ما هناك احتمال اندلاع التظاهرات العنيفة في الضفّة الغربيّة ” .
لكنّ بيت القصيد هنا هو عرب اسرائيل . فاذا كان رائد صلاح أحد الضحايا فستكون النتيجة موجة جديدة من المشاغبات والاضطرابات من طرف نشطاء ” الحركة الاسلاميّة “. فالاستفزازات المستهدفة من طرف الاسلامييّنوالناشطين اليسارييّن سيكون لها اهميّة استراتيجيّة . وفي هكذا ظروف، واذا ما عجز الطرفان عن تهدئة الوضع ، قد تكون بداية انتفاضة ثالثة ، أي الانتفاضة الفلسطينيّة … !
طالما استمرّت اسرائيل في البقاء ستعمل دولة اسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم . والحلّ الوحيد هو عصيان جماهيري مسلّح تكون في مقدمّته الطبقة العاملة وفي طليعتها حزب الطبقة العاملة الثوريّ . وتكمن قوة هكذا عصيان في الطبقة العاملة الخاضعة للاستغلال المبالغ فيه وفي الجماهير في كلّ أرجاء العالم . وما ينقصنا هو ادراك وفهم مااذا كان العمّال انفسهم يستطيعون القيام بهكذا ثورة . فالثورة الاشتراكيّة ستكوّن الاتّحاد الاشتراكي الفدرالي للشرق الاوسطالّذي سيضمّ دولة عمّال فلسطينيّة تمتدّ من النهر الى البحر .
الفلسطينيّون وانصارهم لا يستطيعون الانتظار حتّى هكذا مرحلة زمنيّة ، فهم في الخطّ الاماميّ من الصراع في هذه اللحظة ونحن معهم أيضا . الاّ أنّهم لوحدهم ، الشعب الفلسطيني ، ورغم كلّ بطولاتهم ، لا يستطيعون انزال الهزيمة بالوحش الصهيوني … !
اكسروا الحصار المفروض على غزّة …
من أجل عودة اللآجئين الفلسطينييّن الى بيوتهم …
من أجل دولة عمّال فلسطينيّة من النهر الى البحر …
من أجل اتّحاد اشتراكي فدرالي للشرق الاوسط …
فلتسقط الامبرياليّة والرأسماليّة …
أنزلوا الهزيمة بالوحش ! الثورة العمّاليّة الاشتراكيّة هي الحلّ الوحيد !
اعملوا على اعادة تأسيس الامميّة الرابعة !