ضد التدخل الإمبريالي في ليبيا – اذار 2011

لأجل الثورات العمالية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط

يدعي زعماء أمريكا، بريطانيا وفرنسا أن سبب قصفهم الدكتاتور معمر القذافي في ليبيا هي الرغبة بمساندة أحد مصادر النضال المنتشرة لأجل الديمقراطية في العالم العربي. إنهم يكذبون كالمعتاد، هم الإمبرياليون الذين غزوا أفغانستان والعراق، ويساندون إسرائيل وهي تمارس المجازر ضد الفلسطينيين، بالتأكيد لم يُنشئوا لهم تعاطفًا للمضطهدين. بالعكس، فإن الهجوم على ليبيا أصبح جزءًا مركزيًا بمحاولة الإمبرياليين لإيقاف موجة الكفاحات الجماهيرية في المنطقة. إنهم يأملون بقيام حكومة جديدة في ليبيا بحيث تستطيع فرض مصالحهم بصورة أكثر إخلاصًا من القذافي، رغم أنهم قد يضطرون إلى الاكتفاء بتقسيم ليبيا، بينما الشرق الغني بالنفط هو بين أيدي القوات التي تقاتل القذافي. ووجدها الإمبرياليون فرصة لحماية سائر زعماء المنطقة من الثورة بأنهم يتظاهرون بدعمهم لأحد الشعوب التي تناضل ضد الدكتاتور المتسلط عليها. ولذا، وحين قامت الولايات المتحدة بإعداد هجومها على قوات القذافي، فقد انشغل حلفاؤها بالقمع الدموي للمظاهرات في البحرين واليمن. فالإمبرياليون يرغبون بنهاية المطاف المحافظة على قدراتهم للتدخل العسكري في كل مكان وزمان يبدو لهم مستوجبًا (فعلا، بعد القيام بالدور الهام الذي لعبه الإمبرياليون الفرنسيون في مهاجمة ليبيا، فقد تعاونوا مع قوات الأمم المتحدة في الهجوم العسكري على الطاغية لورين غباغو في ساحل العاج، التي كانت مستعمرة فرنسية سابقة). وفي ظل أزمة اقتصادية متفاقمة فإن سباق القوى الاستعمارية نحو الموارد ستؤدي إلى مصادمات تتزايد في ما بينها. نحن نقول، كفى للتدخلات الإمبريالية في ليبيا! لأن الإمبريالية تشكل تهديدًا عظيمًا الاكثر فوريًا للجماهير في ليبيا والمنطقة. يحق للجماهير فقط أن تعزل القذافي. وإستراتيجية الثورة الاشتراكية العالمية، بقيادة حزب ثوري، بوسعها أن تؤدي إلى الحرية من القمع والاستغلال. لأجل ثورات العمال في شمال أفريقيا والشرق الأوسط!

الإمبريالية والشرق الأوسط

ضعف موقف الإمبريالية قبل هجومها على ليبيا طيلة أشهر في أعقاب انطلاق النضالات الجماهيرية ضد دكتاتوريات الشرق الأوسط. المنطقة الغنية بالبترول والطرق التجارية الرئيسية أصبحت، من قبل، ذات أهمية مركزية للقوى العظمى. ومنذ نهاية السلطة الاستعمارية المباشرة بعد الحرب العالمية الثانية فقد اعتمد الإمبرياليون على طغاة محليين يمارسون الأعمال القذرة لأجلهم بقمع الجماهير وإتاحة الاستغلال الإمبريالي. ولكن كثيرًا من هؤلاء الطغاة عزلوا في الأشهر الأخيرة عن السلطة أو أنهم تعرضوا لتهديد الجماهير. وأولاً، أرغمت المظاهرات والإضرابات العامة في تونس، والتي نادت ب”الخبز والحرية” الدكتاتور زين العابدين بن علي على الفرار من البلاد. حينها، وبعد أسابيع متواصلة من المظاهرات التي بلغت ذروتها بموجة الإضرابات، أرغمت حسني مبارك أخيرًا، على التنحي عن السلطة في مصر. وبعدئذٍ بفترة وجيزة، أصبحت الكلمات “الشعب يريد إسقاط النظام” هتاف المتظاهرين في كل المدن الرئيسية في العالم العربي. خشي الإمبرياليون من أنهم سيفقدون السيطرة على المنطقة بأسرها، ولذا كانوا عازمين على قمع التمرد الشعبي واستعادة مكانتهم. واعترفوا، في الوقت ذاته، بأن الدعم العلني لقمع المظاهرات بعنف سيشجع على ثورات أكبر ضدهم. ونشوب حرب أهلية في ليبيا عَرَض للإمبرياليين فرصة سانحة. بدأت الثورة في ليبيا كجزء من تصاعد النضال الجماهيري ضد زعماء المنطقة. ونجح الثوار في عدد من المدن، خاصة في شرق البلاد، بالاستيلاء على السلطة. لكن الهجوم المضاد لكتائب القذافي كان سيعيد له السيطرة على مركز قوة الثوار في بنغازي. هنالك، المجلس الانتقالي (TNC) البرجوازي أعلن بأنه القيادة الرسمية للثوار، ودعا الإمبرياليين للتدخل لإنقاذه. “لدينا فرصة لخلق قصة جديدة من الدعم الغربي للديمقراطيين العرب”، هذا ما كتبته المستشارة السابقة للشؤون الخارجية في حكومة أوباما، آن ماري سلوتير، في مقال لها في نيويورك تايمز، وشجعت الولايات المتحدة على الانضمام إلى دعوات بريطانيا وفرنسا للتدخل العسكري ضد القذافي.[1] كما هو متوقع، فإن “القصة” لدعم النضالات الجماهيرية لأجل الديمقراطية كانت ستارًا ضبابيًا، جاء لتغطية الجهود المتجددة لوضع حد للكفاح الجماهيري في المنطقة. هكذا تعاملت الولايات المتحدة مع الحكومات في العربية السعودية واتحاد الإمارات العربية بهدف ضمان تأييد الجامعة العربية لخطة الهجوم على كتائب القذافي، في ذات الوقت أصدرت إشارة بأنها تقبل خطة هذه الدول لمساندة طاغية البحرين بقمع المتظاهرين هناك بمساعدة قوة من آلاف الجنود. [2] أعرب أحد المحللين الليبراليين عن صدمته حين شاهد هؤلاء يستخدمون “الدبابات، البنادق والغاز الأمريكي المسيل للدموع” لكي “يقمع حركة ديمقراطية غير عنيفة” والتسبب ب “سفك دم في البحرين” [3]. ولكن كما قال أحد المستشارين المجهولين للشؤون الخارجية لصحيفة Financial Times: “أقل الأماكن إثارة من ناحيتنا في الشرق الأوسط هي ليبيا.. وأهم مكان هو البحرين”، الواقعة بصورة إستراتيجية بين السعودية وإيران، وفيها الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يقوم بدور الشرطي في المنطقة.[4]

القذافي والإمبريالية

في المراحل الأولى من 40 سنة لفترة حكم القذافي، أظهر نفسه كزعيم للاشتراكية والمقاومة العربية والإفريقية ضد الإمبريالية. لكنه عمليًا كان زعيمًا رأسماليًا، والذي فضّل النمو القومي الرأسمالي، واستخدم لهجة ضد الرأسمالية لكي يحظى بالدعم فيما هو يشكل توازنًا بين القوى العظمى في الحرب الباردة. وبينما أفلح الإمبرياليون باستخدام الأحابيل الشيطانية التي مارسوها سابقًا للقذافي لتبرير الحقيقة أنهم اختاروا مهاجمته بالذات، وتقبلوا في السنوات الأخيرة دكتاتوريته لقاء فتحه لمصادر النفط والاقتصاد الليبي أمام الاستغلال المتزايد. في الوقت الذي مارس القمع ضد قوى سياسية إسلامية، وزج باللاجئين الأفارقة إلى مخيمات التجميع لكي يمنعهم من اجتياز البحر نحو أوروبا.[5] فعلاً، أبدى القذافي معاداته للنضال العربي للديمقراطية منذ البداية. وشجب جماهير تونس الذين ثاروا وقال: “كأن هذه ثورة بولشفية أو أمريكية”. وأعرب عن أمله باستعادة الدكتاتور بن علي للسلطة.[6] وحين اندلعت المظاهرات ضده، حاول القذافي تذكيرهم بوفائه تجاههم وأنه “شريك مهم في النضال ضد القاعدة”. توجه نحو المعاداة العنصرية للإمبرياليين الأوروبيين ضد المهاجرين، وحذرهم من وجود “ملايين السود الذين بوسعهم الوصول إلى فرنسا وإيطاليا عبر البحر المتوسط اليوم، وليبيا تلعب دورًا في أمان البحر المتوسط”.[7] وفي النهاية، حين أخذ الإمبرياليون يشتكون ضد المجازر التي اقترفها القذافي ضد الثوار كرر ادعاءاته بأن الثوار ليسوا إلا أعضاء مسلحين في تنظيم القاعدة، وحتى أنه قارن بالإيجاب بين مهاجمته للمدن التي تحت سيطرة الثوار وبين القصف الوحشي لإسرائيل على غزة في 2009: “حتى الإسرائيليون في غزة، حين توغلوا في القطاع، دخلوها بالدبابات لكي يحاربوا متطرفين كهؤلاء.. والأمر سيان هنا!”.[8]

الموقف الثوري

كثير من الليبراليين وحتى من اليساريين يؤيدون التدخل الإمبريالي بذريعة أنه لم يكن أي سبيل آخر لإنقاذ الثوار من دبابات وطائرات القذافي. وعلى سبيل المثال، غلبرت أشكر، الذي كثيرًا ما يدعم صحافة السكرتارية المتحدة لأجل الإنترناسيونال الرابع (السكرتارية بنفسها عارضت رسميًا التدخل) حاول تبرير دعمه بالقول: “ينبغي التعبير عن الاحتجاج والمطالبة باليقظة التامة في رصد أعمال الدول التي تقوم بالتدخل، للوثوق من عدم قيامها بأي شيء أكثر من حماية المواطنين كما ورد في القرار (لمجلس الأمن)”[9] . كأنه كان للإمبرياليين أي نية بعدم تفسير القرار كما يحلوا لهم. وهذا الموقف يمنح الإمبرياليين تغطية يسارية لخططهم بالسيطرة على ليبيا وتقييد الثورات في العالم العربي. خاصة منذ بداية الهجوم على قوات القذافي، أظهر بعض اليساريين الدكتاتور كعدو متقدم للغرب، بينما يتجاهلون الواقع الشرس والاستغلالي لعشرات السنين لحكمه. وكذلك دعمه العلني للإمبريالية في السنوات الأخيرة. لكن الاشتراكيين الحقيقيين من الطبقة العاملة، لا يحتاجون وهمًا كهذا للدفاع عن ليبيا، دون تقديم أي دعم سياسي للقذافي ونظامه. الواقع هو أن إعادة القوة للإمبرياليين لمهاجمة الدول التي يسيطر عليها ويستغلها من “العالم الثالث” ستهدد المدنيين في كل مكان. وإذا أفلح الإمبرياليون بإسقاط القذافي، فإنهم يقومون بذلك فقط لأجل تنصيب نظام قمعي جديد، كما فعلوا في العراق وأفغانستان. في الوقت ذاته، يساريون آخرون، الذين لا يتوهمون كذلك حيال القذافي، قالوا إن المظاهرات ضده كانت منذ البداية ذات طابع مغاير تمامًا عن النضالات الشعبية في سائر الدول العربية. أولئك الذين تظاهروا ضد القذافي، كانوا بحسب ادعاء إحدى المجموعات، “مجموعة من “الديمقراطيين” الذين يميلون للإمبرياليين، عملاء CIA، ملكيون وإسلاميون”[10] . لا يميز هذا العمق بين TNC وقادة ثورات أخرى، من جهة، والمحاربين النظاميين والجماهير التي تشارك في الكفاح ضد القذافي من جهة ثانية. غالبًا ما تبدأ الجماهير نضالها تحت قيادة مؤيدة للرأسمالية، وأحيانًا مؤيدة للإمبريالية، وهي لا تمثل مصالحهم. وإحدى مهام الثوريين هي الوقوف إلى جانب الجماهير كلما كافحوا لأجل الدفاع عن النفس والأهداف المتقدمة، دون أي علاقة بقيادتهم. لكن الثوار يفعلون ذلك دائمًا، لا لأجل إنشاء أفضل دفاع فوري، لكن لكشف دور الخيانة للقادة المؤيدين للرأسمالية ولأفكارهم. وبمفاهيم النظرة الثورية العامة فإن النضال في ليبيا لا يحيد عن هذه القاعدة. تسيطر على TNC قوى برجوازية، بمن فيهم أتباع القذافي السابقون وضباط الجيش الذين فروا، وكذلك القوات التي يدعمها مؤيدو الإمبريالية. واضح أن هذه القوة لا تمثل بأي شكل مقاومة للإمبريالية ولا للرأسمالية. وأنها على استعداد لعقد صفقات لتحقيق المكاسب والمطالب الأخرى للإمبريالية مثل القذافي. وكأي شعب آخر في الشرق الأوسط الذي يرزح تحت نظام الدكتاتورية، فقد تلقت الجماهير في ليبيا إيحاءً من الثورات التي أسقطت طغاة تونس ومصر عن سدة الحكم. استجاب كثيرون في الدولة للنداءات الأولية للتظاهر ضد طغيان القذافي، على أمل تحقيق انتصارات ديمقراطية مشابهة. ومن البديهي أنه منذ البداية، فإن قوى معادية للطبقة العاملة، من مؤيدي الرأسمالية للسوق الحرة والديمقراطيين الليبراليين وحتى المتطرفين الإسلاميين، أرادوا استغلال الكفاح الجماهيري بهدف بلوغ السلطة على حسابه. وانتقل آخرون إلى جانب الجماهير بشكل انتهازي بعدئذٍ، يشمل عددًا من الشخصيات الهامة في القيادة العسكرية والسياسية لدى القذافي. خطط بعضهم على الدوام مطالبة الإمبرياليين للتدخل. لكن كافة القوى المركزية رغبت باستغلال ثورة الجماهير عن طريق إطلاق الوعود بالنضال لأجل الحرية من طغيان القذافي. لذا، حين رغبت قوات القذافي مهاجمة الجماهير، كان هذا من واجب الثوريين الوقوف إلى جانب الجماهير والكفاح لأجل هزيمة الدكتاتور دون عرض أي دعم سياسي لقادتهم.[11] فيما قارن القذافي إيجابًا استخدامه للدبابات لقمع الجماهير بالهجوم الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة، أولئك اليساريون الذين أشاروا إلى المواقف الرجعية للزعماء في الجانب الآخر كذريعة لعدم اتخاذ موقف البتة فقد خانوا ضرورة حماية الجماهير ضد الهجوم الفوري.[12] لكن حين شرع القذافي بعمليات القمع القاتل، استبدلت المظاهرات لأجل الديمقراطية بالمواجهات المسلحة، وأصبح دور الجماهير هامشيًا. وأعرب كثيرون في البداية عن معارضتهم للتدخل الخارجي في الحركة ضد القذافي، وهذا يشمل اللافتات في التظاهرات الجماهيرية ضد التدخل. لكن خاصة حين أخذت كتائب القذافي تهدد الثوار في أرض المعركة، فإن القوات البرجوازية في TNCفي بنغازي فرضت نفسها على النضال كقيادة رسمية، وهكذا اختطفوا الحركة وربطوها بالمصالح الإمبريالية. المظاهرات ضد حكم القذافي والكفاح في الدفاع عن الجماهير في وجه الدكتاتورية، توجب على الاشتراكيين الثوريين التحذير من مخاطر هذا الفرض للقوات البرجوازية على الكفاح. لكن قبيل التدخل الإمبريالي، وحين ارتبطت كل الصدامات بالدفاع عن الجماهير ونضالها، توجب على الثوريين مساندة هزيمة كتائب القذافي. وفي الوقت ذاته حيث القوات الأخرى التي تحارب ضد القذافي، فإن المحاربين الثوريين والمناهضين للإمبريالية يجب عليهم بذل كل الجهود لتنمية التنظيم المستقل للعمال والمضطهدين وعرض إستراتيجية معتمدة على التوجه الدولي للجماهير ولتنظيماتها المؤيدة للإمبريالية التابعة ل TNC حين شرعوا بتدخلهم، أصبح الإمبرياليون عدوًا لدودًا في النضال، ويدعم الاشتراكيون العالميون من الطبقة العاملة هزيمتهم والتظاهر ضد التدخل، ويعارضون أي جهة قبيل الاستيلاء على السلطة من قبل قوات مثل TNC التي تؤسس نفسها على دعم إمبريالي. وبدلا من ذلك ينبغي على الثوريين أن يواصلوا نضالهم من أجل التنظيم الذاتي للعمال والمضطهدين في ليبيا، والكفاح أكثر من الماضي لأجل إستراتيجية الثورة العمالية الدولية كحل وحيد. وبالطبع، وفيما هم يكافحون لأجل هذا البعد، سيكافح الثوريون لأجل حماية الجماهير من التهديدات الفورية. وفي الحالات التي تهاجم كتائب القذافي الجماهير، يجب على الثوريين الكفاح إلى جانب المقاومين. ما من مجال لإيراد التفاصيل لأحداث فرضية كهذه عن بعد. ولكن حين تهاجم كتائب القذافي المدن التي يسيطر عليها الثوار بهدف القضاء، لا على المقاتلين في هذه النقطة فحسب بل على الجماهير، ومن الطبيعي جدًا ألاعتقاد بأن ثمة ضرورة للتكتل مع القوات التي تقاوم القذافي.

لأجل ثورات عمالية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط!

الكفاحات التي أدت إلى إسقاط أنظمة الطغاة عن السلطة في تونس ومصر، جاءت بعد سنوات من النضال المتصاعد للعمال. وقادت جماهير العمال والفقراء هذا النضال في تونس منذ بدايته، بينما هم يتوجهون إلى نقاباتهم المهنية لتنظيم المظاهرات والإضرابات العامة ضد الطغيان. أما في مصر، فبعد أن بلغ العمال واجهة النضال في موجة وطنية من الإضرابات والاستيلاء على أماكن العمل، وبعد أسابيع من المظاهرات، تم إسقاط مبارك أخيرًا عن السلطة. لكن لم يرد أبدًا في النضال الليبي مثل هذا العنصر العمالي المركزي. ثمة مكانة أقل للطبقة العاملة في ليبيا، وكسب زعماء البلاد أرباحًا بالملياردات من جراء بيع الحقوق لاستغلال الموارد النفطية في البلاد، بينما ينزع القذافي الصفة القانونية عن النقابات المهنية والتنظيمات الجماهيرية الأخرى التي بوسعها أن تلعب دورًا في النضالات التي بدأت هذا العام. وليس من قبيل الصدف أن يتم استيراد عمال أجانب، بحيث تسهل السيطرة عليهم، من مصر، تونس، أفريقيا التي هي جنوب منطقة “الصحارى” وجنوب آسيا، بدلا من خلق طبقة عمالية محلية. وحين شرع القذافي بهجومه، فر عشرات الآلاف من العمال الأجانب من البلاد، الأمر الذي أبعد قوة عمالية مركزية عن الكفاح في ليبيا. كما أن التاريخ الليبي معروف بنزعته العنصرية ضد العمال الأجانب، وخاصة الأفارقة السود. وهذا عرقل خلق الوحدة الضرورية بين العمال الأجانب والعمال الليبيين. وهذا من مسؤولية نظام القذافي، الذي مارس إستراتيجية “فرق تسد” التقليدية، لا لتوسيع الشق بين القبائل الليبية بل لزيادة عداوة العمال الليبيين حيال المهاجرين. وقد جرت في العقد الأخير عدة أحداث من الاعتداءات العنصرية ضد العمال الأجانب، بما فيها المجزرة الأخيرة في أكتوبر عام 2000.[13] لكن الاعتداءات العنصرية ضد المهاجرين لا تزال تجري في المناطق التي يحتفظ بها الثوار اليوم، وذلك اعتمادًا، ولو بشكل جزئي، على مفهوم عنصري بحيث يعتبر الأفارقة مشبوهين بأنهم مرتزقة للقذافي. إن حماية العمال الأجانب أمر مطلوب في كل أنحاء ليبيا. يزيد الضعف النسبي للطبقة العمالية في ليبيا ويبرز الأهمية لكي يرى الثوار سبيلهم في النضال لأجل وحدة العمال والمضطهدين في الدول الأخرى، وأولها مع الحركات الجماهيرية في تونس ومصر. بينما الإضرابات التي تتطلب ليس الديمقراطية فحسب، بل العمل وظروف معيشية أفضل، وهذه أصبحت جوهرية في عملية إسقاط زعماء تونس ومصر من السلطة، ولم يجد العمال بعد قيادة اشتراكية ثورية بحيث تستعد للنضال لأجل استيلاء الطبقة العاملة على السلطة. وبدلا من ذلك، تراجع كفاحهم أمام أنظمة يدعمها الجيش الذي وعد بانتخابات ديمقراطية. النضال في الشرق الأوسط بعيد جدًا عن النهاية، ولكن الثورات في العالم العربي قد تؤدي إلى التحرر الحقيقي فقط عندما يدرك العمال والمضطهدون أنهم مضطرون للاستيلاء على السلطة والقضاء على الرأسمالية والسيطرة الإمبريالية. واستعدادًا لقيادة ثورات اشتراكية، فإن العناصر الأكثر إدراكًا للسياسة من بين الطبقة العاملة ينبغي أن تتحد لإنشاء أحزاب طليعة ثورية. وإذا وافقتم على هذا البعد فلا مجال لضياع الوقت. انضموا إلينا في الكفاح لأجل السبيل الوحيد الذي يمكنه تحرير الإنسانية من قيود المعاناة في ظل الإمبريالية إلى الأبد.

1. Anne-Marie Slaughter, “Fiddling While Libya Burns,” New York Times, March 13, 2011.

2. لأجل وصف هذه المرحلة، راجع بيبه أسكوفر (עבור תיאור של תהליך זה, ראו פפה אסקובר), “Exposed: The US-Saudi Libya Deal,”Asia Times Online, April 2, 2011.

3. See Nicholas D. Kristoff, “Bahrain Pulls a Qaddafi,” New York Times, March 16, 2011; and “Blood Runs Through the Streets of Bahrain,” New York Times, February 17, 2011.

4. Richard McGregor and Daniel Dombey, “Foreign Policy: a Reticent America,” Financial Times, March 23, 2011.

5. Global Detention Project, Libya Detention Profile, November 2009.

6. “Libyan Leader Regrets Ben Ali’s Fall,” Al Jazeera, January 17, 2011.

7. “Western States Need Libyan Partnership: Gaddafi,” Reuters, March 7, 2011.

8. “Gadhafi: Crackdown on Libya Revolt is Like Israel’s War on Hamas in Gaza,” Haaretz, March 7, 2011.

9. Gilbert Achcar, “Libyan Developments, ZSpace, March 19, 2011.

10. Spartacist League, “Defend Libya Against Imperialist Attack!,” March 20, 2011.

11. هذه النظرة في الدعم للدفاع العسكري من كافة القوات المحاربة ضد العدو الفوري للجماهير، من خلال النضال لأجل هدف كفاح العمال المستقل نحو السلطة، تم تطويرها لأول مرة لدى البولشفيين بقيادة لينين أثناء الثورة الروسية. لمعرفة المزيد عن هذه الطريقة، أنظروا (גישה זו של תמיכה בהגנה הצבאית של כל הכוחות הנלחמים נגד האויב המיידי של ההמוני, תוך כדי מאבק למען המטרה של מאבק פועלי עצמאי לשלטון, פותחה לראשונה על-ידי הבולשביקים תחת לנין במהלך המהפכה הרוסית. כדי ללמוד עוד על גישה זו, ראו) Sy Landy, “Self-Determination and Military Defense: the Marxist Method,” Proletarian Revolution No. 59 (Summer 1999).

12. من بين الذين لم يتخذوا أي موقف في النضال ضد القذافي والجماهير، ولم يتطرقوا البتة إلى ضحايا القمع التي مارسها القذافي، كانت العصبة السبيرتكية، وتفرعاتها، مجموعة الإنترناشيونال. أنظروا(בין אלו שלא לקחו אף צד במאבק בין קדאפי וההמונים ולא התייחסו כלל לקורבנות של הדיכוי של קדאפי היו הליגה הספרטקיסטית, והפילוג ממנה, הקבוצה האינטרנציונליסטית. ראו) www.icl-fi.org/english/leaflets/libya.html,www.internationalist.org/defendlibyadefeatusunnatoassault1103.html.

13. “Pogrom,,” The Economist, October 12, 2000.

Leave a Comment

Scroll to Top