الإسرائيليون يطالبون بالعدالة الاجتماعية – وماذا بشأن الفلسطينيين؟ – اب 2011

الخيام التي ضربت في تل أبيب، للفت الانتباه إلى الأسعار المرتفعة لأجور الشقق السكنية في إسرائيل، أشعلت حركة احتجاج جماهيرية امتدت على طول البلاد وعرضها. وسار في نهاية الأسبوع الماضي أكثر من ثلاثمائة ألف إسرائيلي في مسيرة احتجاجية في نطاق ذلك. “الشعب,” هتفوا, “يريد عدالة اجتماعية!”.

تآكل الأجور، ارتفاع الأسعار، التقليصات في مجال الرفاه، جعلت الحياة فعلا أكثر شقاءً لأعداد متزايدة من الإسرائيليين. وقد آن الأوان بالنسبة لكثيرين ليناضلوا ضد هذه الأوضاع. لكن للأسف الشديد، فإن حركة الاحتجاج الحالية لم تتعدَ المطالبة ب”العدالة الاجتماعية” للإسرائيليين فقط. بينما، وأمام أنظار المتظاهرين في إسرائيل، يعاني الفلسطينيون في الضفة الغربية وأماكن أخرى، عدا عن غزة، الأمرين من القمع والفقر.

ينضم الاشتراكيون الثوريون للمتظاهرين اليوم ويستنكرون سياسة حكومة نتنياهو الليكودية. ومثلها مثل حكومات “كديما” و”العمل” من قبلها، التي ضمنت وجود إسرائيليين أكثر تحت خط الفقر، بينما يحقق الرأسماليون المكاسب ويكدسون الأموال. لكننا نقول للمتظاهرين: إذا أصبحت تكاليف المعيشة لا تطاق في إسرائيل فكم بالحري الأوضاع المعيشية للفلسطينيين.

إن المشروع البلدي “أورشليم 2000” على سبيل المثال، هو مشروع عنصري فاضح: هدفه العلني المحافظة على أغلبية يهودية في المدينة.وذلك يندرج مع فقدان آلاف الفلسطينيين لتصاريح مكوثهم فيها، فطردوا على أساس التفاصيل التقنية، الأمر الذي ما كان ليحصل مطلقًا لليهود. وسُلب الدونم تلو الدونم من الفلسطينيين لإفساح المجال لإقامة مستوطنات يهودية جديدة، أو لكي تستغلها الشركات الخاصة. ويتم رفض جارف لتراخيص البناء للفلسطينيين، مما يضطرهم للإقامة في منازل ذات جودة عمرانية متدنية. وتتذرع الحكومات بعدم قانونيتها لكي تهدمها وتسلب الأرض وتطرد السكان. ويواجه الفلسطينيون محاولات التطهير العرقي، العلنية والخفية، في أماكن متعددة مثل يافا، اللد وقرى النقب.

إذا واجه أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في إسرائيل هذا الوضع من القمع والتمييز العنصري، فكيف هو حال الملايين الذين يعيشون خارج الخط الأخضر وليس لديهم دولة؟ إن الحصول على المواد الغذائية الأساسية والأدوية الضرورية، مستعصية في غزة، ومقيدة بالحصار الإسرائيلي المفروض والمماثل طبق الأصل للحصار النازي على اليهود في غيتو وارسو. وفي الضفة الغربية لا تولي إسرائيل أي قيمة لعمل السلطة الفلسطينية في القمع والاضطهاد الوحشي للجماهير الذي تمارسه باسمها، وعوضًا عن ذلك، فإن الدولة الصهيونية تشجع سلب الأراضي ونهبها أكثر وأكثر، ومزيدًا من العنف والقتل من المستوطنين والجيش الإسرائيلي. وهكذا يبقى مئات آلاف الفلسطينيين يذوون في مخيمات اللاجئين الأردنية، اللبنانية والسورية. وأكد الفلسطينيون هذا العام أيضًا أن رغبتهم بالعودة إلى بيوتهم التي نزحوا عنها لم تتلاشَ، عندما تقدموا بمسيرات نحو الحدود بدون سلاح، وهم لا زالوا يُذبحون على يد الجيش الإسرائيلي.

رغم أننا مضطربون، أقل ما يقال، من اللامبالاة العنصرية لحركة الاحتجاج الإسرائيلية حيال أزمة الفلسطينيين، فإننا كاشتراكيين دوليين ندعم النضال الحالي للمحافظة على مستوى المعيشة للعمال، الفقراء والشبان في إسرائيل من الهجمات الرأسمالية. بحيث يكشف النضال عدم وفاء الزعماء الإسرائيليين حيال الفقراء، ويمكنه أن يقلص دعمهم بالدولة الصهيونية، وكذلك بقدرتها على اضطهاد الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك، كلما كافح الإسرائيليون ضد حكومتهم وضد الطبقة البرجوازية للمحافظة على مستوى معيشتهم، فمن المحتمل أن تزداد الاحتمالات للذين يدركون الوعي الطبقي والميول الطبقية الديمقراطية المتينة، وقد يتمكنون من التخلي عن تعاطفهم مع الدولة الصهيونية لكي يتعاطفوا مع النضال الفلسطيني للتحرر القومي.

ووفق هذا البعد فإننا نشارك في النضال أولا وقبل كل شيء من وجهة نظر أكثر الضحايا المضطهدين في هذه البلاد، ألا وهم الفلسطينيون.وإننا نطرح داخل الحركة، إضافة إلى كفاحنا ضد ارتفاع أسعار الشقق السكنية والمواد الأساسية الأخرى، المطلب لحماية حياة ومعيشة الفلسطينيين، بدءًا من أهم المطالب الأساسية: كفى لنهب البيوت الفلسطينية وتدميرها! كفى للتطهير العرقي للفلسطينيين من شرقي القدس، يافا، اللد والنقب. كفى للمستوطنات! كفى للتمييز ضد الفلسطينيين في مجال السكن، التشغيل والخدمات العامة! كفى للحصار المفروض على غزة! كفى لجدار الفصل العنصري!

تناقضات اليسار الذي يدعم حل “الدولتين للشعبين”

بعد مرور أسابيع على رفض قادة الاحتجاج الإدلاء بأي تصريح عن الفلسطينيين، أخذوا يشعرون بالحرج من رائحة العنصرية التي تنبعث بوضوح من الحركة. ولذا أتاحوا لعودة بشارات من الجبهة أن يلقي كلمة في الوقفة الاحتجاجية في 6 أغسطس.

فاجأ بشارات كثيرين حين استطاع أن يتطرق إلى أزمة السكن وسياسة هدم البيوت التي يشهدها المجتمع “العربي”. ولكن وبذات الروح، تضمنت كلمته أقوالا تنم عن الخنوع التام لمشاعر العنصرية السائدة في أوساط الجمهور والمجتمع الإسرائيلي عامة. وأكثر ما أثار التساؤلات العديدة هو أنه رغم ما تفعله الصهيونية لمحو فلسطين من الخارطة، فإن بشارات لم يتفوه بكلمة من شأنها إصلاح ذلك. وتجاهل التطرق إلى فلسطين وسكانها الفلسطينيين بصورة متواصلة ومنهجية. وأقواله المتكررة مرارًا عن “العرب”، وامتناعه عن الإشارة إلى أي مكان خارج الخط الأخضر، وهذا أثار لدى كثيرين الشعور بأن قضيته محصورة في المجتمع الإسرائيلي داخل إسرائيل فقط. وبدون أي شك لم يتأثر كثير من الفلسطينيين من رفض بشارات التطرق إلى حملة التطهير العرقي، التي تجري ضد الفلسطينيين، خاصة في شرقي القدس، أو أزمة الفلسطينيين في “المناطق المحتلة” عامة. وصمت بشارات كذلك حيال المستوطنات في الضفة الغربية وحيال الحصار التجويعي المفروض على غزة، وجدار الفصل العنصري الذي يقطع الأوصال ويسجن السكان الفلسطينيين.

وبما أن “الجبهة” اختارت عدم التصدي للقمع الصهيوني ضد الفلسطينيين، بصورة عامة، فقد أعانت قيادة الاحتجاج الصهيوني على التستر على عنصريتها، وتتيح لها المواجهة الأكثر نجاحًا إزاء دعوات أكثر الإسرائيليين اليساريين في أوساط المتظاهرين لكي يطرحوا المطالب التي تدافع عن الفلسطينيين.

إننا لا نتوهم حيال الإمكانية بأن أكثر من أقلية بين المتظاهرين اليوم سينضمون لمطالبنا بحماية الفلسطينيين. فعلاً يمكننا أن نتعلم كثيرًا من طريقة سيطرة القومية الصهيونية على وعي الإسرائيليين، بحيث لا يمكن أن نتوقع، وحتى من حركة الاحتجاج اليوم، المعتمدة على الأقلية في أوساط الإسرائيليين والتي أصبحت أكثر علمانية، تحررًا ويسارية لتدعم حتى هذه المطالب الاساسية.

إننا واثقون بأنه من بين النشيطين الذين يشكلون القوة الدافعة للحركة، ثمة الذين يهتمون بالفلسطينيين. لكن مرتبتهم كمواطنين يهود إسرائيليين، ذوي قدرة للوصول إلى الأراضي والموارد التي يفتقدها الفلسطينيون، يمَكّنهم من إرجاء طرح هذه القضايا باسم الفلسطينيين. إن طرح هذه القضايا وفقًا للنشيطين، سيؤدي إلى انشقاق في صفوف المشاركين في الاحتجاج، الذين يؤيدون سياسيًا اليمين والوسط، وتأتي بردٍ قاسٍ من المجتمع الإسرائيلي. ولكن حتى تنمو هذه الحركة الاحتجاجية، فإن الانشقاق بين الأقلية المؤيدة للفلسطينيين، وبين الأغلبية المؤيدة للصهيونية هو المطلوب تمامًا. والعبرة التي يمكننا أن نتعلمها من كل نضال للطبقة العاملة واليسار في التاريخ الإسرائيلي، كإضراب عمال البحارة في سنوات 50 و60، حركة الفهود السود في سنوات 70، وارتقاء حركة السلام الآن في سنوات 80، تكمن بأن هذه الحركات إن لم تنحرف عن حدود العنصرية الصهيونية، وتتعامل مع الجماهير الفلسطينية على أساس التحالف، فستختفي إذا شرعت إسرائيل بحرب أو بعملية قمع جديدة بحق الفلسطينيين.

إذا حصل ذلك للحركة الحالية، فيمكن إلقاء قسط كبير من المسؤولية لذلك على المنظمات التي توجهت إلى أكثر المتظاهرين راديكاليا واستعملت التعابير اللفظية الاشتراكية وحتى الثورية، ولكنها استسلمت بنهاية المطاف للصهيونية. قد يكون النموذج الأسوأ ل”نضال اشتراكي”، هي المنظمة الإسرائيلية التي تنتمي للمنظمة الدولية المعروفة باسم CWI، والتي خضعت للقومية بأسلوب “العدالة الاجتماعية للإسرائيليين” مثل معظم الحركة الاحتجاجية، دون توجيه أي انتقاد إليها لعدم دفاعها عن حقوق الفلسطينيين. تصريحاتها حيال النضال تدعو بشكل مجرد لمناهضة التشريع العنصري للحيلولة دون طرح دعوات محددة، من شأنها منع الاعتداءات على الفلسطينيين وحقوقهم. وفي خطوة يمكن وصفها كصفعة للفلسطينيين، والذين كان نهبهم وسلبهم أساس قيام دولة إسرائيل، فإن صحيفتهم تدعو للمقاومة العنصرية من ضمن الأفكار السقيمة التي تعارضها المنظمة، من التفرقة الجنسية وحتى التمييز ضد من يعانون من الإعاقة النفسية.

وفعلا، في حين أنهم وجدوا من المناسب نشر صفحة كاملة في صحيفتهم عن الاحتجاج على ارتفاع الأسعار التي يدفعها الإسرائيلي على منتوج الألبان “كوتج”، لم يجدوا من المناسب كتابة مقالة واحدة تعالج معاناة الفلسطينيين. والأسوأ من ذلك، أنهم في مقالتهم عن “الكوتج” دعوا إلى حماية صناعة الألبان الإسرائيلية ضدًا لاقتراح نتنياهو الذي دعا إلى فتح سوق الحليب للاستيراد. ما يدل على سهولة النضال من أجل حماية مصالح البرجوازيين الإسرائيليين وعدم حماية مصالح الفلسطينيين.

وهذا يذكرنا أثناء العودة بالحافلة من مظاهرة في يوم النكبة. وقد أشفقنا على نشيطي “نضال” الذين وصفهم المشاركون الفلسطينيون بأنهم “اشتراكيون بصيغة التمييز العنصري” بسبب دعمهم لحل الدولتين. إننا واثقون من أن أعضاء النضال يعارضون بشكل غير فعال العنصرية والتمييز العرقي، لكن رفضهم مقاومة الصهيونية بدل مساندتهم لبناء “نضال موحد لمناهضة العنصرية”، سيعزلهم عن الجماهير الفلسطينية، رأس الحربة في أي ثورة اشتراكية قد تحدث ذات مرة في هذه البلاد.

اشارة الإنذار

إن الدليل الأقوى على أن الحركة لم تفلح بالتقليص أكثر من النزعة القومية الصهيونية، والتحذير من الطريقة التي قد تعزز اليمين المتطرف في إسرائيل، وهي حقيقة هذا الفاشي الكهاني، سيء الصيت، باروخ مرزل، الذي جاء مع مجموعة من مؤيديه إلى مضارب الخيام في تل أبيب.وصرح “في الموضوع الاجتماعي أنا يساري أكثر من اليسار”. إن هذا اللغط غير مفاجئ، لأن الضمان الاجتماعي لشعب يَضطهِد وهو ذو حقوق مميزة، “الاشتراكية القومية”، هي إحدى الصفات البارزة للفاشية. ورفض الحركة الاحتجاجية طرح المطالب للدفاع عن حقوق ومصالح الفلسطينيين دعت المتطرفين اليمينيين الصهاينة للمشاركة. وأعرب عدد من منظمي المظاهرة عن سعادتهم لمشاركة الكهانيين. لكن كثيرين آخرين عارضوا حضورهم، رغم أنهم لا يستطيعون الإشارة إلى أي مطلب للحركة التي اتخذت الجانب الفلسطيني ضد الهجمة الصهيونية. وهكذا قد تحول دون مشاركة الصهاينة اليمينيين.

ولكي يتعزز نضال العمال والفقراء في إسرائيل والتصدي للرأسمالية وللدولة، عليهم التقليص من الصهيونية ودعم الفلسطينيين في نضالهم للحرية. وبالحقيقة فإن كثيرًا من الشبان يعتبرون الثورة في مصر وسائر الثورات في العالم العربي مصدر إلهام، مما يدل على أن ثمة توقعات كبيرة ليتعلم مزيد من الإسرائيليين الانفصال عن الصهيونية تمام الانفصال.

وثمة من بين المحتجين أولئك الذين يلتزمون بالنضال ضد الفقر المتفاقم في ظل الرأسمالية والإجحاف العنصري للصهيونية، سيضطرون للاعتراف بأن الدولة الإسرائيلية التي يأمل المتظاهرون العيش في كنفها تحت “العدالة الاجتماعية” هي بطبيعتها غير عادلة حيال الفلسطينيين.وأقيمت دولة إسرائيل على أساس التطهير العرقي لما بين 700-900 ألف فلسطيني من منازلهم، وسلب الحقوق من الباقين. ويمكنها البقاء فقط على أساس التمييز العنصري، سلب الأراضي والحروب، فكل إسرائيل هي أراض محتلة.

لتعلن الهستدروت إضرابًا عامًا

لا ينتظر الاشتراكيون الثوريون الظروف المثالية لطرح السبل لتقدم نضال الطبقة العاملة. إننا نتخذ الوضع الراهن كنقطة البداية لنا، فندعم العمال والفقراء الذين يدافعون عن أنفسهم ضد الاستعماريين ودولتهم بكافة الوسائل المتاحة في كل لحظة. ولذا ندعو أعضاء الهستدروتللنضال وليرغموا المنظمة العمالية لتنظيم مظاهراتهم المستقبلية، والإعلان عن إضراب عام بهدف نيل المطالب للحركة الاحتجاجية: تخفيض أجور السكن، تخفيض أثمان السلع الأساسية، كالأغذية والأدوية. وكذلك إلغاء ضريبة القيمة المضافة.

ومع ذلك فإننا نعترف أن الهستدروت هي تنظيم عنصري الذي رفض على الدوام الدفاع عن الفلسطينيين من فصلهم من العمل والاعتداءات العنصرية، ورفض تنظيم العمال الفلسطينيين داخل وخارج الخط الأخضر. إننا ندعم رفع المطالب لحماية الفلسطينيين في التنظيمات المختلفة كجزء من النضال لفصل عدد من الأعضاء أو التنظيم برمته من الهستدروت. لكي يتمكنوا من الالتحاق بتنظيم مهني حقيقي ومنفصل عن الدولة، ويناضل بواسطتها العمال الفلسطينيون إلى جانب العمال اليهود.

مبارك، الأسد، الدولة الصهيونية!

قال كارل ماركس إنه ليس للطبقة العاملة ما تخسره سوى قيودها. لأنه ليس للطبقة العاملة أي مصلحة مادية في مجتمع رأسمالي، فقد توقع أن يثور العمال ضد الدول التي تضطهدهم. ولأن هذا الأمر صحيح بوجهة عامة، فإنه لا يطبق في إسرائيل، حيث يتمتع العمال فيها، بفضل مواطنتهم، على أساس يومي، بالتوجه إلى الأرض وسائر الموارد نتيجة لقيام إسرائيل بسلب وقمع الفلسطينيين. ويشارك كثير من العمال الإسرائيليين مباشرة بهذا الاستعمار عن طريق الخدمة العسكرية النظامية أو الاحتياط. وتعزز هذا بالحقائق القومية الصهيونية والشعور بالوفاء العميق من الطبقة العاملة للدولة.

وفي الوقت ذاته ثمة مصلحة للعمال والفقراء في إسرائيل بتبني أهداف الفلسطينيين: لأن الفوارق بين الأغنياء والفقراء في إسرائيل هي من أكبر ما بالدول الإمبريالية القوية في العالم. ويعيش 20% من الإسرائيليين تحت خط الفقر الرسمي. وارتفع عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في الفقر، نظرًا للإخلاص القومي من الجماهير للدولة، مما شجعهم على احتمال المكاسب التي حققتها الطبقة الحاكمة على حسابهم دون كفاح.

وتشكل إسرائيل على المدى البعيد مصيدة قاتلة لمواطنيها اليهود. وإن الدعم الإمبريالي الذي تلقاه إسرائيل ناجم عن أن حروبها وممارساتها القمعية التي تشارك بها، خدم احتياج الإمبرياليين لقمع الجماهير العربية وضمان سلطتها على البترول. ولكي تقوم إسرائيل بهذا الدور، فقد حولت طبقتها الحاكمة هؤلاء الإسرائيليين إلى قامعين ومضطهدين من ناحية، وإلى طعم للمدافع من ناحية أخرى. إنهم يطالبون أن يَقتل الإسرائيليون وأن يُقتلوا لأجل مصالح الرأسماليين والحكومة. وقد ينجح الكفاح ضد الرأسماليين الإسرائيليين إذا تصدوا للرأسمالية والإمبريالية في المنطقة.

إن السبيل الوحيد بالنسبة لأقلية تدرك طبقيتها الاشتراكية من ضمن الطبقة العاملة اليهودية بالالتحاق بالثورة العربية، هو الانضمام إلى الجماهير الفلسطينية في نضالها ضد الدولة الصهيونية. لكي يتمكنوا من تطبيق حقوقهم بالعودة إلى وطنهم والتمتع بحقوق متساوية فيها. وبماأن هذا الهدف صعب المنال دون إسقاط الأنظمة الإمبريالية في المنطقة، فهذا يعني النضال لأجل دولة العمال الفلسطينية من النهر إلى البحر، كجزء من فيدرالية لدول العمال في المنطقة بأسرها. اليهود الإسرائيليون الذين يتخلون عن حقوقهم من الأملاك التي سلبت من الفلسطينيين، بوسعهم العيش في فلسطين، بدون حقوق وامتيازات عنصرية وبدون أي تمييز عرقي أو ديني.

على الثوريين بذل كل جهد ممكن لتحقيق هذا العمق، لكن رغم أننا نرغب بتجنيد عمال وفقراء يهود وفلسطينيين، ندرك أن غالبية الاحتمالات تقضي بعدم قدرتنا على تجنيد غالبية اليهود الإسرائيليين كمساندين فعالين للثورة. لذا يتوجب علينا أن نرتكز على تجنيد الطبقة العاملة الفلسطينية والفقراء، وكذلك أولئك اليهود المستعدين للانضمام إليهم، وفي الوقت ذاته التأكيد على أن يقبل جزء كبير قدر المستطاع من الجماهير اليهودية بالثورة.

إن النضال لأجل الحقوق الأساسية الفلسطينية، يعني النضال لأجل حق جميع الفلسطينيين الذين طردوا من أراضيهم، وجميع نسلهم، لكي يعودوا إليها. فإذا طبقت حقوق الفلسطينيين، سيصبحون هم الأغلبية العظمى في هذه البلاد. ولهذا السبب، لا يمكن النضال بصورة متواصلة لأجل حقوق الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته النضال لأجل حقوق اليهود في إسرائيل لاستمرار وجود دولتهم. يمكن لدولة كهذه البقاء فقط بواسطة سياسة التمييز العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين، أو بواسطة موجة أخرى من التطهير العرقي الوحشي. إن عمق الثورة الاشتراكية في المنطقة تتيح المجال لتلافي هذا الكابوس.

بما أننا نعترف أن الجماهير الفلسطينية لا تتمتع بقوة كافية لكي تتغلب بقوتها الذاتية على الدولة الصهيونية المدعومة بالإمبرياليين، فقد قلنا على الدوام إن ثورات العمال العرب في المنطقة تدعم الفلسطينيين وتساعد على ارتقائها للسلطة. إن حركات التمرد الثورية التي أسقطت الطغاة في تونس ومصر، وتشكل تهديدًا على سائر الأنظمة في المنطقة، هي البداية فقط. إن الإمبريالية الاستعمارية لا تستطيع دعم الديمقراطية في هذه الدول. وبهدف نيل الحقوق الديمقراطية التي تطالب بها الجماهير، وينبغي على الطبقة العاملة أن تقود الفقراء والفلاحين في نضالها ضد الاستعمار ولأجل إقامة دولة العمال في الطريق نحو الاشتراكية. هذه الإستراتيجية المعروفة بالثورة المتواصلة.

إن دولة العمال التي ستنشأ من خلال الثورة في المنطقة، تتيح عودة اللاجئين، الذين يعانون من متاعب شاقة في مجال السكن، لأن إسرائيل طردتهم من أراضيهم. وبعودة اللاجئين تصبح دولة العمال فلسطينية بطبيعتها القومية. ولكن اليهود الذين يناضلون إلى جانب الفلسطينيين في النضال الثوري، يصبحون كذلك جزءًا من الطبقة الحاكمة – العمال والفقراء العرب واليهود معًا.

ولكن لتحقيق هذا الأمر، ينبغي على الجماهير المستضعفة والمضطهَدة أن تجد حزب عمال دولي يمكنه قيادة الكفاح حتى النصر. إنالإستراتيجية الدولية التي طرحناها في هذه الوثيقة أعدت لتوحيد الطبقة العمالية على أساس النضال بغير هوادة لأجل مصالح الذين يعانون من أشد حالات الاستغلال والقمع تحت الاستعمار. وهذه الإستراتيجية تعبر عن العمق التروتسكيي العمالي الاصلي، الماركسية المناهضةللستالينية المعاصرة. إننا نعتقد أن الحزب الثوري الذي ينشده العمال ينبغي أن يخلق من جديد الاممية الرابعة، الحزب التروتسكيي الدولي للثورة الاشتراكية.

إننا ندعو كافة الذين يعتقدون ذلك للاتصال بنا والانضمام إلينا في النقاش حول السبيل الذي يمضي بالنضال قدمًا.

لأجل مساكن زهيدة وجيدة للجميع، للفلسطينيين واليهود!

كفى لسلب وهدم البيوت الفلسطينية!

كفى للتطهير العرقي للفلسطينيين في القدس، يافا، اللد والنقب!

كفى للمستوطنات! كفى لجدار الفصل!

كفى للتمييز ضد الفلسطينيين في مجال السكن، العمل والخدمات العامة!

كفى لمحاصرة غزة!

لأجل التضامن اليهودي مع الجماهير العربية!

لأجل ثورة اشتراكية في الشرق الأوسط!

لأجل دولة عمال فلسطينية من النهر إلى البحر!

Leave a Comment

Scroll to Top