الثورة في مصر – إذا لم تنتصر فتهزم – شباط 2011

ثورة العمال هي الحل الوحيد

احتفلت جماهير الشعب المصري في 11 فبراير مع الجماهير في دول أخرى في المنطقة باندحار الدكتاتور البغيض مبارك. وأحرز هذا النصر بفضل الكفاح العظيم للجماهير، والذي بلغ ذروته بموجة الإضرابات والاستيلاء على المصانع. ويبعث هذا الكفاح الثوري في مصر وتونس على التفاؤل من العمال والشباب الذين يقاومون الأنظمة في إيران، ليبيا، الجزائر واليمن. كما بعث على الأمل في الجماهير في العديد من الأماكن في أنحاء العالم، حيث يمكن عزل العملاء الرئيسيين للإمبريالية بالنضال الجماهيري.

وكان عزل مبارك خطوة أولى فحسب. وجاء عزله عن السلطة على شكل انقلاب عسكري لمنع تعميق الثورة. إن عزل عدد من الشخصيات الدكتاتورية لم يؤد إلى صرف الجيش، الشرطة وبيروقراطية الدولة التي شكلت ولا زالت تشكل لب الدكتاتورية البرجوازية التي ترأسها مبارك. إن قيادة الجيش عزلت مبارك لأنها رغبت بالمحافظة على قوتها وقوة ذوي الامتيازات. وإن القرار بعزله جاء نتيجة للهلع الذي انتابها من انفجار موجة النضال للطبقة العاملة، والذي قد يؤدي إلى التطرف في حركة الجماهير وإلى مطالب من شأنها تهديد المكاسب ومكانة الرأسماليين ومؤيديهم الإمبرياليين.

قيادة الجيش التي تعتمد على البنتاغون بتمويلها، تدريبها وتزويدها بالمعدات، ملتزمة بالمحافظة على مصر كحلقة هامة في السيطرة على الإمبريالية في الشرق الأوسط برمته. تسيطر مصر على الطرقات البحرية الهامة، قناة السويس،مضائق تيران والبحر الأحمر. وعلاوة على ذلك فقد قامت السلطات خلال ثلاثين عامًا الماضية بالخصخصة في مصر، مما أتاح للشركات الإمبريالية أن تستغل، بأقصى درجة وبشكل مباشر، العمال المصريين ومن مصلحتها أن المضي في ذلك. كما أن السلطة ضمنت أمن إسرائيل في الجنوب- سياسة أثارت ولا تزال تثير معارضة الجماهير. إن توسيع نطاق الحقوق الديمقراطية للجماهير في مصر من شأنها أن تعرض هذه المصالح للخطر.

ولأجل ذلك أطلق باراك أوباما نداءاته بشأن توسيع الحقوق الديمقراطية، وتردد بشكل علني عندما طالبت الجماهير بطرد مبارك. بعد سقوط مبارك، أعلن أوباما على رؤوس الأشهاد، بأنه يثني على عدم استخدام العنف من حركة الجماهير. وفي الواقع فقد حظيت الحركة بالانتصار لأنها دافعت عن نفسها بالشكل اللائق، أولا ضد عنف الشرطة وثانيًا في المعارك التي استمرت يومًا كاملا في ميدان التحرير، ضد أفراد من الشرطة بزي مدني والبلطجية الآخرين. وتم ضرب هذا العدو مؤقتًا ولم يسحق تمامًا.

إن لم تحرص الجماهير، فإن ضباط الجيش سرعان ما سينتظمون في سلطة جديدة مع عدد من الزعماء الصوريين من المواطنين، وربما بتأييد الإخوان المسلمين وشخصيات من الطبقة الوسطى، من أوساط حركة الاحتجاج، بهدف المحافظة على الوضع القائم القديم. وقد أعلنت قيادة الجيش عن نيتها لإجراء تعديلات على الدستور، وأنها ستعرض هذه التعديلات على الجماهير للمصادقة عليها في استفتاء بنعم أو لا. وهم بذلك ينتزعون من الجماهير المصرية القدرة على بلورة مستقبل بلادهم بأنفسهم. كما تستطيع قيادة الجيش ممارسة العنف ضد العمال المضربين. إن القوة الوحيدة التي بوسعها إيقاف هذه المخططات وعرض بدائل فعلية للأنظمة القائمة هي الطبقة العاملة المصرية.

الطبقة العاملة المصرية ترسم الطريق

يشهد تاريخ العمال المصريين على المواقف النضالية. وإن موجة الإضرابات التي بدأت عام 2006 حطمت الاعتقاد بأن هزيمة السلطة مستحيلة، وفتحت الأبواب أمام الثورة الانقلابية الحالية. وإن كفاح عمال النسيج في مدينة المحلة الكبرى كان بادرة نضال العمال والذي دام عامًا ونصف، من خلال الاستيلاء على المصانع والإضرابات العامة المحلية. انضمت قطاعات أخرى من الطبقة العاملة إلى هذا النضال في المدن والصناعات المختلفة. وتخلص العمال من النقابات المهنية التي تديرها الدولة في ’’الاتحاد العام لنقابات عمال مصر‘‘ وبدؤوا تشكيل منظماتهم الخاصة بهدف توجيه الكفاح – أساسا لمنظمات مستقلة. وخطوة تلو الأخرى أخذ العمال يعرضون مطالبهم الديمقراطية كالحق في التعبير وحرية التنظيم الأمر الذي قمعه الجيش في عهد مبارك.

في 6 ابريل 2008، تمكنت الشرطة من إرغام العمال على مزاولة أعمالهم، ولكن بمضي بضعة أشهر، اندلع النضال ثانية، وهذه المرة لجباة الضرائب الذين يتلقون رواتبهم المتدنية جدًا. واستمر هذا النضال في 2009 من خلال طرح المطالب التي لم تنحصر في الرواتب فحسب، بل بمطالبة اعتراف الدولة بالتنظيمات المهنية الجديدة المستقلة. ومع الاستيلاء على المباني الحكومية تم طرح المطلب لحرية التعبير والتنظيم في القاهرة نفسها.

أخذ نضال العمال في 2010 يتسم بطابع سياسي واضح. ولم تنحصر المطالب برفع الرواتب فحسب من أرباب العمل، بل أن تضمن الدولة دخلا محدودًا لكافة العمال وإيقاف الخصخصة. وفي بلاد تعاني من فجوة حادة في مستوى الدخل، فإن المطالبة بالدخل المحدود الذي يتيح المعيشة، هي بمثابة مهاجمة للنهج الرأسمالي ذاته. وخلال السنوات الأربع الماضية أثبتت الطبقة العاملة المصرية أن بوسعها تجنيد الطبقة ضد السلطة بالسبل التي لم تكن تحلم بها من قبل. وهذا العام، فإن النضال الجماهيري في ميدان التحرير طيلة أسبوعين، “القوة الجماهيرية”، لم يكن كافيًا لإسقاط نظام مبارك، بينما استطاعت الإضرابات العمالية لثلاثة أيام أن تحسم الموقف.

ثورة في نقطة تحول

والآن وبعد عزل مبارك يجب على الطبقة العاملة أن تواصل بلورتها للنضال. لأن الثورة في مصر على مفترق طرق خطير. وإن بعض الحركات الاحتجاجية التي تدعي تمثيلها للجماهير تجري مفاوضات مع طغمة الدكتاتوريين. وتقوم بذلك بدافع المصالح البرجوازية والمصالح الإمبريالية. وإن دبلوماسيين محنكين كمحمد البرادعي والأئمة، وأصحاب الأملاك، ورجال الأعمال الذين يسيطر بعضهم على حركة الإخوان المسلمين، بوسعهم الاكتفاء بالمرتبة التي ستنجلي لهم على رأس الهرم الاجتماعي في مصر. وائل غنيم، المدير في شبكة غوغل والذي أعلنت عنه وسائل الإعلام بأنه بطل الثورة أعرب عن رضاه من خطوات الجيش. ’’شعرت بأننا متحدون جميعًا وكلنا نريد مصلحة مصر‘‘. ولكنه كتب بعيد لقائه بقادة الجيش: ’’أنا كمستقل، أشعر أن مصر في أياد أمينة ويمكن الوثوق بهم، أي القادة، في اختيار الطريق التي تؤدي إلى الديمقراطية‘‘(واشنطن بوست 14 فبراير). ليس عجبًا أن يرغب أمثال هؤلاء برحيل العمال وغيرهم من ميدان التحرير ويعودوا بأسرع ما يمكن لمزاولة حياة البؤس والفقر السابقة.

دعاة الديمقراطية البرجوازيين والمؤيدين للرأسمالية، على استعداد للمهاودة مع الطغمة العسكرية، من خلال التنازل عن المطالب الديمقراطية الأساسية، كإلغاء قوانين الطوارئ التي فرض مبارك سلطته بواسطتها طيلة 30 سنة، إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين، الحقوق الكاملة للنقابات المهنية، ومساواة النساء. وبدلا من الدعوة لتشكيل جمعية تأسيسية منتخبة، فإنهم على استعداد لجعل الجيش ينص الدستور وفرض قوانين الانتخابات. هذه الخطوات من المعارضة البرجوازية تؤكد نظرية الثورة المستمرة لتروتسكي، بحيث تصبح الطبقة العاملة والفقيرة، هي القوة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها، والتي تكافح من أجل إسقاط الدكتاتورية وتحظى بالديمقراطية الفعلية لصالح الشعب المصري. لكن ليست لديهم مصلحة بالاستمرار في نهج الاستغلال الرأسمالي الذي يدافع عنه الجيش. بوسع العمال تحقيق المطالب الديمقراطية للجماهيرعن طريق الثورة الاشتراكية التي تخلق دولة عمال تحكمها حكومة العمال والفلاحين.

ويعود سبب خيانة البرجوازيين إلى إدراكهم بأن الديمقراطية الفعلية تصطدم بالاحتياجات الرأسمالية المصرية واحتياجات الإمبرياليين. وفي فترة الأزمة الاقتصادية الشديدة، وبينما يتحرك المجتمع الإنساني نحو نوع من الأزمات، كما حصل إبان الأزمة الكبرى في سنوات الثلاثين، لا تستطيع الرأسمالية عرض حياة أفضل للجماهير التي أفلستها، وربما بوسعها عرض بعض التنازلات الآنية بهدف إسكات النضال، لكن لا تستطيع الرأسمالية إلا أن تعمق الاستغلال والفقر. ويهدد الكفاح لأجل الحقوق الديمقراطية السيادة الرأسمالية في الشرق الأوسط، وأولاً في مصر لأن الجماهير تستخدم هذه الحقوق بهدف الكفاح لتحسين ظروف معيشتها، ومقاومة السياسة التي تخدم الولايات المتحدة وإسرائيل.

شكّل النضال الجماهيري تهديدًا على المصالح الاقتصادية والعسكرية للإمبريالية. عمال قناة السويس الذين أعلنوا الإضراب أثناء ثورة فبراير، حققوا مطالبهم لأن بوسعهم التهديد بإغلاق القناة التي تستخدم في التجارة البحرية الدولية. وبوسعهم الإعراب عن تضامنهم الدولي، لأن إقفال القناة سيؤدي إلى إيقاف شحن المعدات العسكرية الإمبريالية إلى العراق وأفغانستان المحتلين. ومثل ذلك، فإن الجماهير المصرية تمقت التعاون بين مبارك وإسرائيل الهادف إلى محاصرة سكان قطاع غزة. وإذا حققوا مطالبهم الديمقراطية فإن الجماهير ستحطم الجدران التي تحاصر السكان غزة الفلسطينيين، وهذه الخطوة من شأنها أن تضعف قمع إسرائيل للفلسطينيين، وتضع علامة استفهام على وجود دولة التمييز العنصري.

لهذه الأسباب، فإن رياح الديمقراطية المرعبة تلاحق الإمبريالية ومؤيديها الرأسماليين في مصر، كما هو الحال في دول أخرى في المنطقة. ويعلمون جميعًا أن الجماهير لن تكتفي بتغييرات طفيفة، بل ستناضل لأجل أهداف قيّمة بحيث تهدد كيان الأنظمة الحالية.

قوة الجماهير اليوم عاتية جدًا فلا تستطيع الدولة التصدي لها بسهولة. لكن هذا التعادل لا يمكنه الامتداد لمدة طويلة، لأن القوى البرجوازية والإمبريالية التي تعتمد على الجيش وهو يدافع عنها، ستتحول إلى قمع بمجرد أنها تظن أن بوسعها سحق الجماهير. إن ثورة العمال الاشتراكية هي الحل الوحيد للقضايا التي يواجهها العمال والفقراء. يمكن للكفاح الجماهيري في مصر أن يحرز انتصارًا عن طريق الثورة الاشتراكية فقط والتي ستنتشر في أنحاء الشرق الأوسط وأبعد منه، أو أنها ستهزم وتندحر.

احتياج الطبقة العاملة إلى قيادة ثورية

إن العمال والفقراء (العمال المؤقتين والجزئيين، العاطلين عن العمل، الباعة في الأسواق وغيرهم من أبناء الطبقة الوسطى المتدنية) يشكلون الأغلبية في المظاهرات. فقد شرعوا بالعمل “كعامة الشعب” دون أي إبراز للمصالح المحددة للطبقة العاملة. لكن هذا الأمر تغير في الأيام الأخيرة بإنشاء ائتلاف بين النقابات المهنية المستقلة ونضال عشرات الآلاف من عمال النسيج في المحلة. الإضرابات في المصانع الكبرى والخدمات العامة في كافة أنحاء المدن المصرية. وإن مدى التقدم الذي أحرزه بعض العمال أكثر من المطالبة بتنظيم مهني يمكن أن يظهر في نضال عمال الحديد والصلب في حلوان (إحدى ضواحي القاهرة). لم يطرح العمال مطلب القضاء على النظام وإنهاء الاتحاد القديم للتنظيمات المهنية والتي يسيطر عليها رجال مبارك فحسب، بل طرحوا مطلب تأميم شركات في القطاع العام والتي تم بيعها إلى هيئات القطاع الخاص، أو أنها أقفلت أو يديرها العمال والتقنيون. هذا إلى جانب المطلب ’’بتأليف لجان في كافة أماكن العمل بهدف مراقبة الإنتاج، الأسعار، التوزيع والأجور‘‘. كما يطالب هؤلاء العمال بإنشاء جمعية تأسيسية. وتدعو نشرتهم إلى مؤتمر لكافة القطاعات والتيارات السياسية لحركة الاحتجاج بهدف تعديل الدستور، وإقامة لجان شعبية منتخبة دون انتظار المفاوضات مع النظام.

[www.europe-solidaire.org/spip.php?article20203]

تجربة النضال ضد دكتاتورية مبارك منحت العمال شعورًا بأنهم يتمتعون بالقوة عندما يتحدون في عمل جماعي. ومثله، الدور الذي يلعبه بعض الزعماء ضد الطبقة العاملة ولأجل المهاودة مع السلطة يثبت البعد الثوري الاشتراكي. ولكن ستضيع هذه العبر إذا لم يتصاعد النضال ولم يتم تطبيق الإستراتيجية الثورية.

يمتدح كثير من المراقبين النضال في ميدان التحرير بسبب غياب القيادة، رغم وجود قيادة للتنظيمات الشبابية والتي ألهبها نضال الطبقة العاملة في السنوات الأخيرة. ولكن الثورة تتطلب قيادة سياسية، ويحاول ممثلو الطبقة الوسطى البرجوازية أن تنحاز بالنضال لدعم الجيش ’’كمرحلة انتقال إلى الديمقراطية‘‘. وينبغي على الطبقة العاملة بذل المزيد لتوفير قوة لمطالب الإصلاحات الديمقراطية – وعليها أن تكافح لأجل احتياجاتها واحتياجات الجماهير. وطالما أن الثورة تبدو كثورة كافة الطبقات، فستصبح محدودة بمطالب ديمقراطية ضيقة في أفضل الأحوال. وإن لم يسع الثوار لإنشاء قيادة ثورية من الطبقة العاملة لكي تقف في طليعة النضال، فستسقط القوة بأيدي العناصر ذات القدرات الملحوظة – البرجوازيين.

ينبغي المضي إلى أبعد من ’’ثورة شعبية‘‘ لتنمية النضال، إلى كفاح واع من الطبقة العاملة لتتولى السلطة. وهذا يتطلب إنشاء حزب سياسي اشتراكي، للعمال والشبان المكافحين وذوي الإدراك الذهني المتطور، بهدف نيل دعم الجماهير للطبقة العاملة بدلا من العناصر المؤيدة للرأسمالية والتي تترأس النضال الآن. لدى الحزب الثوري الفرصة لينمو بسرعة في مصر اليوم وهذا يتطلب من الاشتراكيين الكفاح تحت شعاراتهم الخاصة ومواجهة العناصر المؤيدة للبرجوازية سياسيا – حتى لو كانت من حلفائهم في النضال لإسقاط مبارك.

بوسع العمال والشبان ذوي الوعي الثوري أن يتقدموا خطوة واحدة بالكفاح لأجل إضراب سياسي شامل لتحقيق المطالب الاقتصادية (الحد الأدنى من الأجور للعيش الكريم، رواتب لائقة لكافة المستخدمين، الحقوق الكاملة للتنظيمات المهنية) والمطالب السياسية (إنهاء أحكام قوانين الطوارئ، الحق بالتنظيم السياسي، حق التعبير وحرية الصحافة، حقوق متساوية للنساء، إطلاق سراح جميع الأسرى السياسيين). ويمكن للإضراب العام أن يحقق المطالب الفورية ويمهد لإنشاء لجان عمل في المصانع وحتى المجالس العمالية، وقطاعات أخرى غير ممثلة من المجتمع. ستصبح هذه خطوة هائلة لبناء قوة الطبقة برمتها وتطوير الوعي الثوري لأكثر القطاعات تطويرًا.

ما من سبب ليتولى علماني أو متدين قيادة الطبقة الوسطى والتي تبحث الآن عن تسويات مع السلطة العسكرية. (يوسف القرضاوي، الزعيم ذو النفوذ، وكان مبارك قد أمر بنفيه، عاد وألقى خطبة الجمعة في ميدان التحرير في 18 فبراير، وطالب بعودة العمال إلى أعمالهم). الكفاح لأجل عقد جمعية تأسيسية هو أفضل سبيل لكشف ألاعيب المفاوضات مع الجيش. هذا المطلب ومطالب ديمقراطية أخرى يمكنها أن تضمن التحالف بين طبقة العمال والجماهير المضطهَدة. وكذلك كشف التناقض الذي لا تنفصم بين الديمقراطية الحقيقية والرأسمالية. قد برهن الجيش على عدم الوثوق به. وينبغي على الثوريين أن يثبتوا عن طريق النضال عدم وجود بديل برجوازي لتلبية تطلعات الشعب.

الجيش والقيادة الثورية

يدرك الماركسيون أن وظيفة الشرطة هي فرض النظام الرأسمالي على الشعب. قد نتوقع من الشرطة ولاءها المطلق للدكتاتورية، فينبغي على الطبقة العاملة أن ستعمل على نزع سلاح الشرطة وتفريقها.

من جهة أخرى، الجنود النظاميون في الجيش والذين تجندوا من أبناء العمال والفلاحين البسطاء لا يتوقعون ان يؤمروا بقمع إخوتهم واخواتهم. تعطفهم على نضال الجماهير يجعلهم في نظر البرجوازية وكبار الضباط كقوة عديمة الثقة عندما تختار الطبقة الحاكمة إلى اللجوء إلى القمع. ومن المهام الرئيسية للثورة المصرية تقسيم الجيش ودفع الجنود الذين يؤيدون الجماهير للوقوف مع الثورة ضد الضباط الذين يؤيدون الطبقة الحاكمة – كما حدث أخيرا في ليبيا.

نموذج العمال والفقراء الذين ينتظمون في النضال ينشئون المجالس التي تترأسها قيادة منتخبة، مما قد يخلق وقعًا هائلا على وعي الجنود. ينبغي على الثوار تشجيع الجنود النظاميين لإنشاء مجالس خاصة بهم، وانتخاب قادتهم. إن خشية الجنود بتلقي الأوامر العليا من الضباط لإطلاق النار على أبناء عائلاتهم، ولذا ستحظى هذه المطالب برحابة صدر. وينبغي على الثوار العمل لكي يقوم الجنود بتسليح الحرس العمالي لحماية أنفسهم ضد عناصر الثورة المضادة والشرطة، هذه المحاولة التي تقتنى بالنضال داخل الجيش، ويثبت للجنود أنه بوسعهم التخلص من القيادة العسكرية والالتحاق بالكفاح الجماهيري.

يمكن للجنود الذين التحقوا أن يحطموا التسلسل القيادي، إذا رأوا أن النضال الجماهيري للعمال يتمتع بأجندة ثورية، ويزودهم بشعور الثقة أن بوسع الطبقة العاملة تولي السلطة السياسية، بهدف بناء دولة جديدة ومجتمع جديد يعيش بالرخاء والحرية. ولذا من الضروري إنشاء حزب معاصر من طبقة العمال. التحاق الجنود الليبيين بصفوف الثوار يدل على إمكانية ذلك.

الثورة الاشتراكية هي الحل

في 1917 قامت الطبقة العاملة في روسيا بعزل القيصر، لكنها أتاحت للسياسيين البرجوازيين الوصول إلى السلطة. وإن التصريح الحازم للينين: ’’لا دعم للحكومة المؤقتة‘‘ (البرجوازية) ساعدت جماهير العمال على إدراك عمق الثورة الاشتراكية. واليوم في مصر، فإن طبقة العمال بحاجة إلى قياديين للتوضيح بشكل قاطع أن الثورة الاشتراكية هي الحل الوحيد. كما أن الحاجة لقيادة ثورية للطبقة العاملة أثبتها البولشفيكيون عام 1917، وأثبتتها النتائج الرهيبة لغياب القيادة الثورية أثناء الثورة الإيرانية في 1979، عندما اختارت منظمات الطبقة العاملة بألا تكافح لأجل الثورة الاشتراكية، وبدلا من ذلك دعمت القيادة الرجعية ’’المعارضة للإمبريالية‘‘، والتي أدت إلى مكيدة الموت للثورة المضادة.

يرتبط مصير الثورة المصرية ارتباطًا وثيقًا بالثورة المندلعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. الحرية والحياة الكريمة للجماهير المصرية ممكنة فقط إذا عزلت الدول الإمبريالية، وهذا يشمل بالطبع دولة الاستعمار العنصري – إسرائيل. إن الثورة الاشتراكية في المنطقة كلها تنشئ اتحادًا لدول العمال، التي تشمل دولة العمال الفلسطينية من البحر إلى النهر والتي تطور اقتصادًا مشتركًا وسياسة أممية. هذا هو الحل الوحيد لأجل العمال والفقراء. وإن وتيرة انتشار ثورة الجماهير التونسية في العالم العربي كله يثبت مدى الحاجة إليها من أجل نجاح هذه الإستراتيجية في بناء الأممية للأحزاب الثورية.

الرابطة من اجل الحزب الثوري – الولايات المتحدة

والرابطة الاشتراكية الأممية – إسرائيل / فلسطين المحتلة

Leave a Comment

Scroll to Top